هذه الحرّية عن فرد، ولا تمنعه عن ممارسة حقّه فيها والإعلان عن أفكاره ومعتقداته، والدفاع عن وجهات نظره واجتهاده.
والحرّية الشخصية تعبّر عن تحرّر الإنسان في سلوكه الخاصّ من مختلف ألوان الضغط والتحديد، فهو يملك إرادته وتطويرها وفقاً لرغباته الخاصّة مهما نجم عن استعماله لسيطرته هذه على سلوكه الخاصّ من مضاعفاتٍ ونتائج ما لم تصطدم بسيطرة الآخرين على سلوكهم. فالحدّ النهائي الذي تقف عنده الحرّية الشخصية لكلّ فردٍ: حرية الآخرين، فما لم يمسَّها الفرد بسوءٍ فلا جناح عليه أن يكيِّف حياته باللون الذي يحلو له ويتبع مختلف العادات والتقاليد والشعائر والطقوس التي يستذوِقها؛ لأنّ ذلك مسألة خاصّة تتّصل بكيانه وحاضره ومستقبله. وما دام يملك هذا الكيان فهو قادر على التصرّف فيه كما يشاء.
وليست الحرّية الدينية- في رأي الرأسمالية التي تنادي بها- إلّاتعبيراً عن الحرّية الفكرية في جانبها العقائدي، وعن الحرّية الشخصية في الجانب العمليّ الذي يتّصل بالشعائر والسلوك.
ويستخلص من هذا العرض: أنّ الخطّ الفكريّ العريض لهذا النظام- كما ألمحنا اليه- هو: أنّ مصالح المجتمع مرتبطة بمصالح الأفراد، فالفرد هو القاعدة التي يجب أن يرتكز عليها النظام الاجتماعي، والدولة الصالحة هي الجهاز الذي يسخَّر لخدمة الفرد وحسابه، والأداة القوية لحفظ مصالحه وحمايتها.
هذه هي الديمقراطية الرأسمالية في ركائزها الأساسية التي قامت من أجلها جملة من الثورات، وجاهد في سبيلها كثير من الشعوب والامم في ظلّ قادةٍ كانوا حين يعبّرون عن هذا النظام الجديد ويعدونهم بمحاسنه يصفون الجنّة في نعيمها وسعادتها، وما تحفل به من انطلاقٍ وهناءٍ وكرامةٍ وثراءٍ، وقد اجريت عليها بعد