الاجتماعية القائمة. ومن الطبيعي أنّ الإنسان حين بدأ يؤمن بأنّ هذه العلاقات مظهر من مظاهر السلوك التي يختارها الإنسان نفسه، ولا يفقد إرادته في مجالها أصبحت المشكلة الاجتماعية تعكس فيه- في الإنسان الذي يعيشها فكرياً- مرارةً ثوريةً بدلًا من مرارة الاستسلام.
والإنسان الحديث من ناحيةٍ اخرى أخذ يعاصر تطوراً هائلًا في سيطرة الإنسانية على الطبيعة لم يسبق له نظير. وهذه السيطرة المتنامية بشكلٍ مرعبٍ وبقفزاتِ العمالقة تزيد في المشكلة الاجتماعية تعقيداً وتضاعف من أخطارها؛ لأ نّها تفتح بين يدي الإنسان مجالاتٍ جديدةٍ وهائلةٍ للاستغلال، وتضاعف من أهميّة النظام الاجتماعي، الذي يتوقّف عليه تحديد نصيب كلِّ فردٍ من تلك المكاسب الهائلة التي تقدّمها الطبيعة اليوم بسخاءٍ للإنسان.
وهو بعد هذا يملك من تجارب سلفه- على مرّ الزمن- خبرةً أوسع وشمولًا أكثر وأعمق من الخبرات الاجتماعية التي كان الإنسان القديم يمتلكها ويدرس المشكلة الاجتماعية في ضوئها. ومن الطبيعي أنْ يكون لهذه الخبرة الجديدة أثرها الكبير في تعقيد المشكلة، وتنوّع الآراء في حلِّها، والجواب عليها.