«أرسله على حين فترةٍ من الرسل، وطول هجعةٍ من الامم، وانتقاضٍ من المبرم. فجاءهم بتصديق الذي بين يديه، والنور المقتدى‏ به، ذلك القرآن فاستنطقوه، ولن ينطق، ولكن اخبركم عنه: ألا إنّ فيه ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم»[1].

إنّ هذه النصوص تؤكّد بوضوحٍ استيعاب الشريعة لمختلف مجالات الحياة.

واذا كانت الشريعة تضمن الحلول حتّى لأتفه المشاكل وحتى لأرش الخدش- أي الغرامة التي يجب على الإنسان دفعها الى الآخر اذا خدشه- فمن الضروري حتماً بمنطق تلك النصوص أن تكون في الشريعة حلول للمشاكل الاقتصادية، وطريقة لتنظيم الحياة في الحقل الاقتصادي، وإلّا فأيّ معنىً لاستيعاب الشريعة وشمولها اذا كانت تغفل جانباً من أهمّ جوانب الحياة، وأوسعها وأكثرها أهميّةً وتعقيداً؟

هل تتصور أنّ الشريعة تحدِّد الغرامة التي من حقّك الحصول عليها اذا خدشك شخص خدشاً بسيطاً، ولا تحدّد حقّك في الثروة المنتجة، ولا تنظّم طريقة اتّفاقك مع عمّالك أو مع الرأسماليّين في مختلفِ ألوان العمل التي تحتاج فيها الى عاملٍ أو رأسمالي؟

وهل من المعقول أن تحدّد الشريعة حقّك حين تخدش ولا تحدّد حقّك حين تحيي أرضاً، أو تستخرج معدناً، أو تستنبط عين ماء، أو تستولي على غابة؟

وهكذا نعرف أنّ مَن يؤمن بالشريعة ومصادرها ونصوصها يستنتج من تلك‏

 

[1] نهج البلاغة: الخطبة 158 صبحي الصالح