ليتدخّل فيه متى شاء، متزعّماً للثورة إذا بلغت حدّها الأعلى، أو مهدِّئاً للفتنة إذا لم يتهيّأ له الظرف الذي يريده. فالحوراء بمقاومتها: إمّا أن تحقّق انتقاضاً إجماعياً على الخليفة، وإمّا أن لا تخرج عن دائرة الجدال والنزاع ولا تجرّ إلى فتنةٍ وانشقاق.
وإذن فقد أراد الإمام- صلوات اللَّه عليه- أن يُسْمِع الناس يومئذٍ صوته من فم الزهراء؛ ويبقى هو بعيداً عن ميدان المعركة ينتظر اللحظة المناسبة للاستفادة منها، والفرصة التي تجعل منه رجل الموقف. وأراد أيضاً أن يقدِّم لُامّة القرآن كلّها في المقابلة الفاطمية برهاناً على بطلان الخلافة القائمة. وقد تمّ للإمام ما أراد، حيث عبّرت الزهراء عليها السلام عن الحقّ العلويّ تعبيراً واضحاً فيه ألوان من الجمال والنضال.
وتتلخّص المعارضة الفاطمية في عدّة مظاهر:
الأوّل: إرسالها لرسولٍ[1] ينازع أبا بكر في مسائل الميراث ويطالب بحقوقها، وهذه هي الخطوة الاولى التي انتهجتها الزهراء- صلوات اللَّه عليها- تمهيداً لمباشرتها للعمل بنفسها.
الثاني: مواجهتها بنفسها له في اجتماعٍ خاصّ[2]، وقد أرادت بتلك المقابلة أن تشتدّ في طلب حقوقها من الخمس وفدك وغيرهما لتعرف مدى استعداد الخليفة للمقاومة.
[1] شرح نهج البلاغة 16: 218- 219، عن أبي الطفيل قال:« أرسلت فاطمة إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أم أهله؟ قال: بل أهله …»
[2] المصدر السابق: 230