من نفائس الدنيا ما يورثونه ونحفظ للفظ العام حقيقته[1].
ونعرف ممّا سبق أن صيغة الحديث لو كانت صريحة في ما أراده الخليفة لها من المعاني، لناقضت القرآن الكريم، ومصيرها الاهمال حينئذٍ. وليس في المسألة سبيل إلى اعتبار الحديث مدركاً قانونياً في موضوع التوريث، ولذا لم يتفطّن الصدِّيق إلى جواب يدفع به اعتراض خصمه عليه بالآية الآنفة الذكر، ولم يوفّق واحد من أصحابه إلى الدفاع عن موقفه. وليس ذلك إلّالأنّهم أحسّوا بوضوح أنّ الحديث يناقض الآية بمعناه الذي يبرّر موقف الحاكمين.
ولا يمكن أن نعتذر عن الخليفة بأ نّه يجوز اختيار أحد النصّين المتناقضين وتنفيذه كما يرتئيه جماعة من علماء الإسلام، وقد اختار أن ينفّذ مدلول الحديث؛ وذلك لأنّ المعارض للقرآن باطل بلا ريب؛ لأنّه الحقّ، وهل بعد الحقّ إلّا الضلال؟!
[المناقشة بين الصدّيقة والخليفة حول النِحلة]
الناحية الثانية: المناقشة التي قامت بين الخليفة والصدِّيقة حول نِحلة
[1] والجملة خبرية وليست إنشائية؛ لأنّ إنشاء حكمٍ على الأنبياء بعد وفاتهم، وانقراض ورثتهم لا معنى له، وحينئذٍ فالتخصيص يستلزم مجازية الاستعمال، وليس شأن صيغة الحديث شأن الجمل الإنشائية التي يكشف تخصيصها عن عدم إرادة الخاصّ بالإرادة الجدّية. ويقدّم لذلك على سائر التأويلات والتجوّزات، بل هي خبرية، والجملة الخبرية إذا خالفت الإرادة الاستعمالية فيها الجدّ والحقيقة كانت كذباً، فتخصيصها يستلزم صرفها إلى المعنى المجازي، وحينئذٍ فلا يرجع على تجوّز آخر إذا دار الأمر بينهما.( المؤلّف قدس سره)