ومن شأن هذه المنافسة أن تتّسع في آثارها، فتثبت مشاعر مختلفة من الغيظ والتنافر بين الشخصين المتنافسين، وتلفّ بخيوطها مَن حولهما من الأنصار والأصدقاء، وقد اتّسعت بالفعل في أحد الطرفين، فكان ما كان بين السيدة عائشة وعليّ، فلا بدّ أن تتّسع في الطرف الآخر فتعمّ من كانت تعمل امّ المؤمنين على حسابه في بيت النبيّ.
نعم، إنّ انقلاب امّ المؤمنين إنّما هو من وحي ذكريات تلك الأيام التي نصح فيها عليّ لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بأن يطلّقها في قصّة الإفك المعروفة[1].
وهذا النصح إن دلّ على شيءٍ فإنّه يدلّ على انزعاجه منها ومن منافستها لقرينته، وعلى أنّ الصراع بين زوج الرسول وبضعته كان قد اتّسع في معناه وشمل عليّاً وغير عليٍّ ممّن كان يهتمّ بنتائج تلك المنافسة وأطوارها.
[دوافع الخليفة الأوّل في موقفه:]
نعرف من هذا أنّ الظروف كانت توحي إلى الخليفة الأوّل بشعورٍ خاصٍّ نحو الزهراء وزوج الزهراء، ولا ننسى أ نّه هو الذي تقدّم لخطبتها فردّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، ثمّ تقدّم عليٌّ إلى ذلك فأجابه النبيّ إلى ما أراد[2]. وذاك الردّ وهذا القبول يولّدان في الخليفة- إذا كان شخصاً طبيعيّاً يشعر بما يشعر به الناس ويحسّ كما يحسّون- شعوراً بالخيبة والغبطة لعليٍّ إذا احتطنا في التعبير،
[1] راجع تفصيل الحادثة في صحيح البخاري 3: 24، وتأريخ الطبري 2: 113 حوادث سنة 6 ه
[2] الصواعق المحرقة: 163