يعتبر من اصولها- فعلينا أن ننظر نظرةً شاملةً عميقةً لنتبيّن حادثين متقاربين في تأريخ الإسلام؛ كان أحدهما صدىً للآخر وانعكاساً طبيعياً له، وكانا معاً يمتدّان بجذورهما وخيوطهما الاولى إلى حيث قد يلتقي أحدهما بالآخر، أو بتعبيرٍ أصحّ إلى النقطة المستعدّة في طبيعتها إلى أن تمتدّ منها خيوط الحادثين.
أحدهما: الثورة الفاطميّة على الخليفة الأوّل التي كادت أن تزعزع كيانه السياسي، وترمي بخلافته بين مهملات التأريخ.
والآخر: موقف ينعكس فيه الأمر فتقف عائشة امّ المؤمنين بنت الخليفة الموتور في وجه عليّ[1] زوج الصدّيقة الثائرة على أبيها.
وقد شاء القدر لكلتا الثائرتين أن تفشلا مع فارق بينهما مردّه إلى نصيب كلّ منهما من الرضا بثورتها، والاطمئنان الضميري إلى صوابها وحظّ كلّ منهما من الانتصار في حساب الحقّ الذي لا التواء فيه وهو أنّ الزهراء فشلت بعد أن جعلت الخليفة يبكي ويقول: أقيلوني بيعتي[2]، والسيدة عائشة فشلت فصارت تتمنّى أ نّها لم تخرج إلى حرب ولم تشقّ عصا طاعة[3].
هاتان الثورتان متقاربتان في الموضوع والأشخاص؛ فلماذا لا تنتهيان إلى أسبابٍ متقاربةٍ وبواعث متشابهة؟
ونحن نعلم جيّداً أنّ سرّ الانقلاب الذي طرأ على السيدة عائشة حين إخبارها بأنّ عليّاً وَلِيَ الخلافة يرجع إلى الأيام الاولى في حياة عليٍّ وعائشة حينما كانت المنافسة على قلب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بين زوجته وبضعته.
[1] إشارة إلى يوم الجمل المشهور
[2] راجع أعلام النساء 4: 124
[3] راجع تأريخ ابن الأثير 3: 254، تذكرةالخواص: 80- 81