بُعدهم عن الهوى السياسي وارتجال فكرة الخلافة في ساعة السقيفة من المسؤولية أمام اللَّه وفي حكم الضمير.
[السقيفة والمعارضون:]
لست الآن بصدد تحليل الموقف الذي اشتبك فيه الأنصار مع أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وشرح ما يدلّ عليه من نفسيّة المجتمع الإسلامي ومزاجه السياسي، وتطبيق قصّة السقيفة على الاصول العميقة في الطبيعة العربية، فإنّ ذلك كلّه خارج عن الحدود القريبة للموضوع، وإنّما اريد أن الاحظ أنّ الحزب الثلاثي الذي قُدّر له أن يلي الامور يومئذٍ كان له معارضون على ثلاثة أقسام:
الأوّل: الأنصار الذين نازعوا الخليفة وصاحبيه في سقيفة بني ساعدة ووقعت بينهم المحاورة السابقة التي انتهت بفوز قريش بسبب تركّز فكرة الوراثة الدينية في الذهنية العربية، وانشقاق الأنصار على أنفسهم؛ لِتمكُّن النزعة القبلية من نفوسهم.
الثاني: الامويّون الذين كانوا يريدون أن يأخذوا من الحكم بنصيب ويسترجعوا شيئاً من مجدهم السياسي في الجاهلية وعلى رأسهم أبو سفيان.
الثالث: الهاشميّون وأخصّاؤهم كعمّار وسلمان وأبي ذرّ والمقداد رضوان اللَّه عليهم وجماعات من الناس الذين كانوا يرون البيت الهاشمي هو الوارث الطبيعي لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بحكم الفطرة ومناهج السياسة التي كانوا يألفونها.
واشتبك أبو بكر وصاحباه في النزاع مع القسم الأوّل في سقيفة بني ساعدة، وركّزوا في ذلك الموقف دفاعهم عمّا زعموا من حقوقٍ على نقطةٍ كانت ذات وجاهةٍ في نظر كثيرٍ من الناس، فإنّ قريشاً ما دامت عشيرة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم