رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» إيهاً بني قَيْلة! اهتُضم تراث أبي وأنتم بمرأىً ومسمع تبلغكم الدعوة، ويشملكم الصوت، وفيكم العُدّة والعدد، ولكم الدار والجنَن، وأنتم نخبة اللَّه التي انتخب وخيرته التي اختار …
الخ»[1].
وإذن فلم تكن المناقشات في تفسير الحديث وتأويله ممّا تهضمها السلطات الحاكمة، ولا هي على علاقة بالغرض الرئيسي للثائرة من ثورتها.
وهذا يفسّر لنا عدم تعرّضها للنِحلة في خطابها أيضاً.
[عودٌ على بدء:]
1- يجب الآن توضيح موقف الخليفة تجاه الزهراء في مسألة الميراث وتحديد رأيه فيها- بعد أن أوضحنا حظّ الصيغ السابقة من وضوح المعنى وخفائه- وهو موقف لا يخلو من تعقيد إذا تعمّقنا شيئاً مّا في درس المستندات التأريخية للقضية. ومع أنّ المستندات كثيرة فإنّها مسألة محيّرة أن نعرف ماذا عسى أن تكون النقطة التي اختلف فيها المتنازعان، ومن الصعوبة توحيد هذه النقطة.
والناس يرون أنّ مثار الخلاف بين أبي بكر والزهراء هو مسألة توريث الأنبياء؛ فكانت الصدِّيقة تدّعي توريثهم، والخليفة ينكر ذلك. وتقدير الموقف على هذا الشكل لا يحلُّ المسألة حلّاً نهائيّاً ولا يفسّر عدّة امور:
الأوّل: قول الخليفة لفاطمة في محاورةٍ له معها وقد طالبته بفدك: إن
[1] شرح نهج البلاغة 16: 212- 213. والآية 144 من سورة آل عمران