وينقبض لانقباضها[1]، ولم يكن ليكلّفه دفع هذه المحن عنها أكثر من إعلامها بحقيقة الأمر لئلَّا تطلب ما ليس لها بحقّ، وكأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لَذَّ له أن تُرزى ابنته، ثمّ تتّسع هذه الرزية فتكون أداة اختلافٍ وصخبٍ بين المسلمين عامّة، وهو الذي ارسل رحمةً للعالمين، فبقي مصرّاً على كتمان الخبر عنها مع الإسرار به إلى أبي بكر؟!
[نظرة على الحديث الذي رواه الخليفة:]
1- لأجل أن نلقي نظرةً على الحديث من الناحية المعنوية بعد الملاحظات التي أسلفناها نقسّم الصيغة التي جاءت في رواية الموضوع إلى قسمين:
الأوّل: ما جاء في بعضها من أنّ أبا بكر بكى لمّا كلّمته فاطمة، ثمّ قال:
يا بنتَ رسول اللَّه، واللَّهِ ما ورَّث أبوكِ ديناراً ولا درهماً، وإنَّه قال: إنَّ الأنبياء لا يورِّثون[2]. وما ورد في حديث الخطبة من قوله: «إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضّة ولا أرضاً ولا عقاراً ولا داراً لكنّما نورّث الإيمان والحكمة والعلم والسُنّة»[3].
الثاني: التعبير الذي تنقله عدّة أخبار عن الخليفة وهو ما رواه عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من «إنّا لا نورّث، ما تركناه صدقة»[4].
[1] هذه صيغ أحاديث متعدّدة وردت في الصحاح عن النبيّ صلى الله عليه و آله.( المؤلّف قدس سره). يراجع: مسند الإمام أحمد 1: 6، صحيح مسلم 4: 1902- 1903 الحديث 2449، وتأريخ بغداد 17: 203
[2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 216، سنن البيهقي 6: 301
[3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 252، 214، سنن البيهقي 6: 300
[4] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 224، 218، سنن البيهقي 6: 301