نقتبس هنا عدّة عبائر من خطبة الزهراء عليها السلام لنعطيها حقّها من التحليل والتوضيح ونفهمها كما هي في عالم الخلود، وكما هي في واقعها الرائع.
[وصفها للنبيّ صلى الله عليه و آله:]
قالت: «ثمّ قبضه إليه قبض رأفةٍ واختيارٍ ورغبةٍ وإيثار، فمحمّد صلى الله عليه و آله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حُفَّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الربّ الغفّار، ومجاورَة الملك الجبّار»[1].
انظر إلى البليغة كيف تركت النعيم المادّي كلّه وملذوذات الحسّ حين أرادت أن تقرّض فردوس أبيها وجنّته الخالدة؛ لأنّها رأت في معاني أبيها العظيم ما يرتفع على ذلك كلّه؛ وما قيمة اللذّة المادّية- جنينيةً كانت أو دنيويةً- في حساب محمّدٍ صلى الله عليه و آله الروحي؛ الذي لم يرتفع أحد بالروح الإنسانية كما ارتفع بها، ولم يبلغ بها أحد سواه أوجَها المحمّدي (ولم يغذّها مصلح عداه بالعقيدة الإلهية
[1] الاحتجاج 1: 99