اعتدالٍ واستقامةٍ في أحايين مختلفةٍ وظروفٍ متباعدة، حيث تُوكَل فدك إلى أهلها وأصحابها الأوّلين.
ويلاحظ أنّ مشكلة فدكٍ كانت قد حازت أهميّةً كبرى بنظر المجتمع الإسلامي وأسياده، ولذا ترى حلّها يختلف باختلاف سياسة الدولة، ويرتبط باتّجاه الخليفة العامّ نحو أهل البيت مباشرة؛ فهو إذا استقام اتّجاهه واعتدل رأيه ردَّ فدكاً على الفاطميّين، وإذا لم يكن كذلك وقع انتزاع فدك في أوّل القائمة من أعمال ذلك الخليفة.
[القيمة المعنوية والمادّية لفدك:]
ويدلّنا على مدى ما بلغته فدك من القيمة المعنوية في النظر الإسلامي قصيدة دِعبل الخزاعي التي أنشأها حينما ردّ المأمون فدكاً، ومطلعها:
أصبَحَ وَجهُ الزَّمان قد ضَحِكا | بردِّ مأمون هاشمٍ فَدَكا[1] | |
وقد بقيت كلمة بسيطة، وهي: أنّ فدكاً لم تكن أرضاً صغيرةً أو مزرعاً متواضعاً كما يظنّ البعض، بل الأمر الذي أطمئنُّ إليه أ نّها كانت تدرّ على صاحبها أموالًا طائلةً تشكّل ثروةً مهمّة، وليس عليَّ بعد هذا أن احدّد الحاصل السنوي منها، وإن ورد في بعض طرقنا الارتفاع به إلى أعدادٍ عاليةٍ جدّاً[2].
ويدلُّ على مقدار القيمة المادّية لفدك امور:
الأوّل: ما سيأتي من أنّ عمر منع أبا بكر من ترك فدك للزهراء؛ لضعف
[1] شرح نهج البلاغة 16: 217. وراجع بحار الأنوار 29: 347 وفيه: هاشماً
[2] كشف المحجّة: 182، وفيه: كان دخلها في رواية( 24000) دينار في كلّ سنة، وفي رواية اخرى( 70000) دينار