– رضي اللَّه عنها- لأولى بأن يصدّق قولها في ما جعل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لها، وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري- مولى أمير المؤمنين- يأمره بردّ فدكٍ على ورثة فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها وما فيها من الرقيق والغلّات وغير ذلك، وتسليمها إلى محمّد بن يحيى بن الحسين ابن زيد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب ومحمّد بن عبد اللَّه بن الحسن ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب لتولية أمير المؤمنين إيّاهما القيام بها لأهلها. فاعلم ذلك من رأي أمير المؤمنين وما ألهمه اللَّه من طاعته ووفّقه له من التقرّب إليه وإلى رسوله صلى الله عليه و آله و سلم وأعلمه من قِبَلك، وعامل محمّد بن يحيى ومحمّد ابن عبد اللَّه بما كنت تعامل به المبارك الطبري، وأعنهما على ما في عمارتها ومصلحتها ووفور غلّاتها إن شاء اللَّه، والسلام[1].
ولمّا بويع المتوكّل على اللَّه انتزعها من الفاطميّين، وأقطعها عبد اللَّه بن عمر البازيار، وكان فيها إحدى عشرة نخلةً غرسها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بيده الكريمة، فوجّه عبداللَّه بن عمر البازيار رجلًا يقال له: بشران بن أبي اميّة الثقفي إلى المدينة، فصرم تلك النخيل ثمّ عاد إلى البصرة ففُلِج.
وينتهي آخر عهد الفاطميّين بفدك بخلافة المتوكّل ومنحه إيّاها عبداللَّه بن عمر البازيار[2].
هذه إلمامة مختصرة بتأريخ فدك المضطرب، الذي لا يستقيم على خطّ ولا يجمع على قاعدة، وإنّما حاكت أكثره الأهواء، وصاغته الشهوات على ما اقتضته المطامع والسياسات الوقتية، وعلى هذا فلم يخلُ هذا التأريخ من
[1] فتوح البلدان: 46- 47
[2] شرح نهج البلاغة 16: 217