استجمعت لي، فرأيت أن أردّها على ولد فاطمة، فقالوا له: فإن أبيت إلّاهذا فأمسك الأصل واقسم الغلّة، ففعل.
ثمّ انتزعها يزيد بن عبد الملك من أولاد فاطمة، فصارت في أيدي بني مروان حتّى انقرضت دولتهم.
فلمّا قام أبو العبّاس السفّاح بالأمر وتقلّد الخلافة ردّها على عبد اللَّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، ثمّ قبضها أبو جعفر المنصور في خلافته من بني الحسن، وردّها المهديّ بن المنصور على الفاطمّيين، ثمّ قبضها موسى بن المهدي من أيديهم[1].
ولم تزل في أيدي العباسيّين حتّى تولّى المأمون الخلافة فردّها على الفاطميين سنة (210 ه)، وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة:
أمّا بعد، فإنّ أميرالمؤمنين بمكانه من دين اللَّه وخلافة رسوله صلى الله عليه و آله و سلم والقرابة به أولى مَن استنّ سنّته، ونفّذ أمره، وسلّم لمن منحه منحةً وتصدّق عليه بصدقة منحته وصدقته، وباللَّه توفيق أمير المؤمنين وعصمته، وإليه في العمل بما يقرّبه إليه رغبته، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أعطى فاطمة بنت رسول اللَّه فدك وتصدّق بها عليها، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لا اختلاف فيه بين آل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، ولم تزل تدّعي منه ما هو أولى به من صدق عليه، فرأى أمير المؤمنين أن يردّها إلى ورثتها، ويسلّمها إليهم تقرّباً إلى اللَّه تعالى بإقامة حقّه وعدله، وإلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بتنفيذ أمره وصدقته، فأمَرَ بإثبات ذلك في دواوينه والكتاب به إلى عمّاله، فلئن كان يُنادى في كلّ موسمٍ بعد أن قبض اللَّه نبيّه صلى الله عليه و آله و سلم أن يذكر كلّ من كانت له صدقة أو هبة أو عِدَة ذلك فيقبل قوله وتنفّذ عِدَته، إنّ فاطمة
[1] شرح نهج البلاغة 16: 216- 217 و 278