وجعلوها من الصدقات العامّة.
ولمّا ولّى معاوية بن أبي سفيان نفسه الخلافة أمعن في السخرية وأكثر من الاستخفاف بالحقّ المهضوم، فأقطع مروان بن الحكم ثلث فدك، وعمرو بن عثمان ثلثها، ويزيد ابنه ثلثها الآخر، فلم يزالوا يتداولونها[1] حتى خلصت كلّها لمروان ابن الحكم أيّام ملكه، ثمّ صفت لعمر بن عبد العزيز بن مروان، فلمّا تولّى هذا الأمر ردّ فدكاً على ولد فاطمة عليها السلام، وكتب إلى واليه على المدينة أبي بكر بن عمرو بن حزم يأمره بذلك، فكتب إليه: «إنّ فاطمة عليها السلام قد ولدت في آل عثمان وآل فلان وفلان، فعلى مَن أردّ منهم؟» فكتب إليه: «أمّا بعد، فإنّي لو كتبت إليك آمرك أن تذبح بقرةً لسألتني ما لونها، فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقسمها في ولد فاطمة عليها السلام من عليّ عليه السلام»، فنقمت بنو اميّة ذلك على عمر بن عبد العزيز وعاتبوه فيه، وقالوا له: «هجَّنتَ فعل الشيخين»[2].
وقيل: إنّه خرج إليه عمر بن قيس في جماعةٍ من أهل الكوفة، فلمّا عاتبوه على فعله قال لهم: إنّكم جهلتم وعلمتُ، ونسيتم وذكرتُ، إنّ أبا بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم حدّثني عن أبيه عن جدّه أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: «فاطمة بضعة منّي، يُسخطها ما يُسخطني، ويرضيني ما أرضاها» وإنّ فدك كانت صافيةً على عهد أبي بكر وعمر، ثمّ صار أمرها إلى مروان فوهبها لعبد العزيز أبي، فورثتها أنا وإخوتي عنه، فسألتهم أن يبيعوني حصّتهم منها، فمِن بائعٍ وواهبٍ حتّى
[1] راجع شرح نهج البلاغة 16: 216
[2] شرح نهج البلاغة 16: 278