يومذاك، حتّى تولّى عمر الخلافة فدفع فدكاً إلى ورثة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم[1] وبقيت فدك عند آل محمّدٍ صلى الله عليه و آله و سلم إلى أن تولّى الخلافة عثمان بن عفّان فأقطعها مروان بن الحكم على ما قيل[2]، ثمّ يهمل التأريخ أمر فدكٍ بعد عثمان فلا يصرّح عنها بشيء. ولكنّ الشيء الثابت هو: أنّ أمير المؤمنين عليّاً انتزعها من مروان- على تقدير كونها عنده في خلافة عثمان بن عفّان- كسائر ما نهبه بنو اميّة في أيّام خليفتهم.
وقد ذكر بعض المدافعين عن الخليفة في مسألة فدك: أنّ عليّاً لم يدفعها عن المسلمين، بل اتّبع فيها سيرة أبي بكر، فلو كان يعلم بصواب الزهراء وصحّة دعواها ما انتهج ذلك المنهج.
ولا اريد أن أفتح في الجواب بحث التقيّة على مصراعيه واوجّه بها عمل أمير المؤمنين، وإنّما أمنع أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام قد سار على طريقة الصدّيق، فإنّ التأريخ لم يصرّح بشيءٍ من ذلك، بل صرّح بأنّ أمير المؤمنين كان يرى أنّ فدكاً لأهل البيت، وقد سجّل هذا الرأي بوضوحٍ في رسالته إلى عثمان بن حنيف، كما سيأتي.
فمن الممكن أ نّه كان يخصّ ورثة الزهراء- وهم أولادها وزوجها- بحاصلات فدك، وليس في هذا التخصيص ما يوجب إشاعة الخبر؛ لأنّ المال كان عنده، وأهله الشرعيّون هو وأولاده. كما يحتمل أ نّه كان ينفق غلّاتها في مصالح المسلمين برضىً منه ومن أولاده عليهم الصلاة والسلام[3]، بل لعلّهم أوقفوها
[1] راجع شرح نهج البلاغة 16: 223 و 270
[2] شرح نهج البلاغة 1: 198، الغدير 8: 236- 238، السنن الكبرى 6: 301
[3] وهذا أقرب الاحتمالات؛ لأنّ الأوّل تنفيه رسالة أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف إذ يقول:« وسَخَت عنها نفوس آخرين …»، والثالث يُبعده قبول الفاطميين فيما بعد لفدك عندما اعطيت إليهم في فرص متباعدة( المؤلّف قدس سره)