العبارة ذات تقادير متساوية، ولا يجوز حينئذٍ ترجيح معنىً لها والاستدلال بها عليه.
[معارضة الخبر لصريح القرآن في توريث الأنبياء:]
2- هذه هي الاعتراضات التي انتهينا إليها آنفاً. ونضيف إليها الآن اعتراضاً سادساً بعد أن نفترض أنّ جملة «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث» أقرب إلى نفي الحكم بالميراث منها إلى نفي التركة الموروثة، ونقدّر لجملة: «لا نورّث، ما تركناه صدقة» من المعنى ما ينفع الخليفة، ونلغي تفسيرها بأنّ الصدقة المتروكة لا تورّث، ثمّ ندرس المسألة على ضوء هذه التقادير.
وهذا الاعتراض الجديد هو أنّ اللازم- في العرف العلمي- متى صحّت هذه الفروض تأويل الخبر، ولم يجز الركون إلى أوضح معانيه؛ لأنّه يقرّر حينئذٍ عدم توريث سائر الأنبياء لتركاتهم، لِما جاء في بعضها من التصريح بالتعميم، نحو: إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث، ولما دلّ عليه بالنون في قوله: لا نورّث، ما تركناه صدقة، من تعليق الحكم على جماعة. وحيث يتّضح أنّ الحكم في الحديث عدم توريث التركة يتجلّى أنّ المراد بالجماعة جماعة الأنبياء، إذ لا توجد جماعة اخرى نحتمل عدم انتقال تركاتها إلى الورثة. وقد دلَّ صريح القرآن الكريم على توريث بعض الأنبياء، إذ قال اللَّه تبارك وتعالى في كتابه الكريم مخبراً عن زكريّا عليه السلام: «وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا»[1]. والإرث في الآية بمعنى إرث المال؛ لأنّه هو الذي ينتقل حقيقةً من
[1] مريم: 5 و 6