نصّاً لا مناقشة فيه؛ لأنّه أدرى بما أوصاه به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وائتمنه عليه. وخذ إليك بعد ذلك الاسلوب الثالث، فإنّه ينتهي إلى النتيجة السابقة عينها؛ لأنّ عليّاً إذا كان وصيّاً لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم على تركته ومختصّاته، فلا معنى لسطو الخليفة على التركة النبويّة ووصيّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم عليها موجود وهو أعرف بحكمها ومصيرها الشرعي.
الرابع: أنّ تأميم التركة النبويّة من أوّليّات الخليفة في التأريخ، ولم يؤثر في تواريخ الامم السابقة ذلك، ولو كان قاعدة متّبعة قد جرى عليها الخلفاء بالنسبة إلى تركة سائر الأنبياء لاشتهر الأمر، وعرفته امم الأنبياء جميعاً.
كما أنّ إنكار الخليفة لملكية رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لفدك- كما تدلّ عليه بعض المحاورات السابقة- كان فيه من التسرّع شيء كثير؛ لأنّ فدك ممّا لم يوجَف عليها بِخيلٍ ولا ركاب، بل استسلم أهلها خوفاً ورعباً باتّفاق أعلام المؤرّخين من السُنّة والشيعة[1]. وكلّ أرض يستسلم أهلها على هذا الاسلوب فهي للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم خالصة. وقد أشار اللَّه تعالى في الكتاب الكريم إلى أنّ فدك للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم بقوله: «وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ …»[2]. ولم يثبت تصدّق النبيّ بها ووقفه لها.
الخامس: أنّ الحديثين اللذين استدلّ بهما في الموضوع لا يقوم منهما دليل على ما أراد، وقد خرجنا من دراستهما قريباً بمعنىً لكلٍّ منهما لا يتّصل بمذهب الخليفة عن قرب أو بعد. وإن أبيت فلتكن المعاني الآنفة الذكر متكافئة، ولتكن
[1] راجع: فتوح البلدان/ البلاذري: 46، تأريخ ابن الأثير 2: 224- 225، شرح نهج البلاغة 4: 78، سيرة ابن هشام 2: 368.( المؤلّف قدس سره)
[2] الحشر: 6