لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»[1] وقال: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»[2] أفَخَصّكم اللَّه بآية أخرج منها أبي؟ أم هل تقولون: أهل ملّتين لا يتوارثان؟! أولست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟
أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي[3]؟!».
وكانت أبرز الناحيتين في ثورتها الناحية العاطفية. وليس من العجيب أن تصرف الزهراء أكثر جهودها في كسب معركة القلب، فإنّه السلطان الأوّل على النفس، والمهد الطبيعي الذي تترعرع فيه روح الثورة. وقد نجحت الحوراء في تلوين صورة فنّية رائعة تهزّ المشاعر، وتكهرب العواطف، وتهيمن على القلوب، كانت هي أفضل سلاح تتسلّح به امرأة في ظروف كظروف الزهراء.
ولأجل أن نستمتع بالجمال الفنّي في تلك الصورة الملوّنة بأروع الألوان، لا بأس بأن نستمع إلى الصدِّيقة حين خاطبت الأنصار بقولها:
«يا معشر البقية، وأعضاد الملّة، وحضنة الإسلام، ما هذه الفترة عن نصرتي؟ والوَنْية عن معونتي؟ والغمزة في حقّي؟ والسِّنةُ عن ظُلامتي؟ أمَا كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يقول: «المرء يحفظ في ولده»؟! سرعان ما أحدثتم، وعجلان ما أتيتم، ألِأَنْ مات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أمتُّم دينه؟! ها إنّ موته لعمري خطب جليل، استوسع وَهنُه، واستبهم فتقُه، وفُقِد راتقه، وأظلمت الأرض له، وخشعت الجبال، وأكْدَت الآمال. اضيع بعده الحريم، وهُتِكت الحرمة، واذيلت المصونة، وتلك نازلة أعلن بها كتاب اللَّه قبل موته، وأنبأكم بها قبل وفاته، فقال: «وَ ما مُحَمَّدٌ إِلا
[1] مريم: 5 و 6
[2] الأنفال: 75
[3] نقلنا هذه القطعة على وجه الاختصار.( المؤلّف قدس سره)