وخاصّته، فهي أولى به من سائر المسلمين، وأحقّ بخلافته وسلطانه.
وقد انتفع أبو بكر وحزبه باجتماع الأنصار في السقيفة من ناحيتين:
الاولى: أنّ الأنصار سجّلوا على أنفسهم بذلك مذهباً لا يسمح لهم بأن يقفوا بعد ذلك إلى صف عليٍّ ويخدموا قضيّته بالمعنى الصحيح، كما سنوضّحه قريباً.
الثانية: أنّ أبا بكر الذي خدمته الظروف فأقامت منه المُدافِع الوحيد عن حقوق المهاجرين في مجتمع الأنصار لم يكن ليتهيّأ له ظرف أوفق بمصالحه من ظرف السقيفة، إذ خلا الموقف من أقطاب المهاجرين الذين لم يكن لتنتهي المسألة في محضرهم إلى نتيجتها التي سجّلتها السقيفة في ذلك اليوم.
وخرج أبو بكر من السقيفة خليفةً وقد بايعه جمع من المسلمين؛ الذين أخذوا بوجهة نظره في مسألة الخلافة، أوعزّ عليهم أن يتولّاها سعد بن عبادة.
ولم يعبأ الحاكمون بمعارضة الامويّين وتهديد أبي سفيان وما أعلنه من كلمات الثورة بعد رجوعه من سفره الذي بعثه فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لجباية الأموال؛ لعلمهم بطبيعة النفس الاموية وشهواتها السياسية والمادية، فكان من السهل كسب الامويّين إلى جانب الحكم القائم كما صنع أبو بكر؛ فأباح لنفسه، أو أباح له عمر- بتعبيرٍ أصحّ كما تدلّ الرواية[1]– أن يدفع لأبي سفيان جميع ما في يده من أموال المسلمين وزكواتهم[2]، ثمّ جعل للُامويّين[3] بعد ذلك حظّاً من العمل الحكومي في
[1] راجع شرح نهج البلاغة 2: 44
[2] قد نستطيع أن نجيب في ضوء هذه القصّة عمّا عرض لنا من سؤالٍ في بداية هذا الفصل عن موقف الخليفتين لو قُدِّر لهما أن يقفا موقف عليٍّ الذي كان يفرض عليه أن يغري كثيراً من أمثال أبي سفيان بالمال والجاه.( المؤلّف قدس سره)
[3] راجع تأريخ الطبري 2: 237