عدّةٍ من المرافق الهامّة.
وهكذا نجح الحزب الحاكم في نقطتين، ولكنّ هذا النجاح جرّه إلى تناقضٍ سياسيٍّ واضح؛ لأنّ ظروف السقيفة كانت تدعو الحاكمين إلى أن يجعلوا للقرابة من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم حساباً في مسألة الخلافة؛ ويقرّوا مذهب الوراثة للزعامة الدينية، غير أنّ الحال تبدّلت بعد موقف السقيفة، والمعارضة اتّخذت لها لوناً جديداً وواضحاً كلّ الوضوح؛ يتلخّص في أنّ قريشاً إذا كانت أولى برسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من سائر العرب لأنّه منها فبنو هاشم أحقّ بالأمر من بقية قريش.
وهذا ما أعلنه عليّ حين قال: «إذا احتجّ عليهم المهاجرون بالقرب من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كانت الحجّة لنا على المهاجرين بذلك قائمة، فإن فلجت حجّتهم كانت لنا دونهم، وإلّا فالأنصار على دعوتهم»[1]، وأوضحه العبّاس لأبي بكر في حديثٍ له معه، إذ قال له: «وأمّا قولك: نحن شجرة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فإنّكم جيرانها ونحن أغصانها»[2].
وقد كان عليّ الذي تزعّم معارضة الهاشميين مصدر رعبٍ شديدٍ في نفوس الحاكمين؛ لأنّ ظروفه الخاصّة كانت تمدّه بقوّةٍ على لونين من العمل الإيجابي ضدّ الحكومة القائمة:
أحدهما: ضمّ الأحزاب المادية إلى جانبه كالامويّين والمغيرة بن شعبة وأمثالهم ممّن كانوا قد بدأوا يعرضون أصواتهم للبيع ويفاوضون الجهات المختلفة في اشترائها بأضخم الأثمان، كما نعرف ذلك من كلمات أبي سفيان التي واجه بها خلافة السقيفة يوم وصوله إلى المدينة، وحديثه مع عليّ وتحريضه له على الثورة،
[1] شرح نهج البلاغة 6: 5
[2] المصدر نفسه