ومذهب الشيعة في تفسير ما قام به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من تجنيد جيش اسامة معروف، وهو: أ نّه أحسّ بأنّ اتّفاقاً ما بين جملة من أصحابه على أمر معيّن، وقد يجعل هذا الاتفاق منهم جبهة معارضة لعليّ.
ونحن إن شككنا في هذا فلا نشكّ في أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قد جعل أبا بكر وعليّاً في كفّتَي الميزان مراراً أمام المسلمين جميعاً ليروا بأعينهم أ نّهما لا يستويان في الميزان العادل. وإلّا فهل ترى إعفاء أبي بكر من قراءة التوبة على الكافرين بعد أن كُلّف بذلك أمراً طبيعياً؟ ولماذا انتظر الوحي وصول الصدّيق إلى منتصف الطريق لينزل على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ويأمره باسترجاعه وإرسال عليّ للقيام بالمهمّة؟
أفكان عبثاً أو غفلةً أو أمراً ثالثاً؟ وهو أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أحسَّ بأنّ المنافس المتحفّز لمعارضة ابن عمّه ووصيّه هو أبو بكر، فشاء وشاء له ربّه تعالى أن يرسل أبا بكر ثمّ يرجعه بعد أن يتسامع الناس جميعاً بإرساله ليرسل عليّاً الذي هو كنفسه ليوضّح للمسلمين مدى الفرق بين الشخصين وقيمة هذا المنافس الذي لم يأتمنه اللَّه على تبليغ سورة إلى جماعة، فكيف بالخلافة والسلطنة المطلقة؟!
إذن، فنخرج من هذا العرض الذي فرض علينا الموضوع أن نختصره بنتيجتين:
الاولى: أنّ الخليفة كان يفكّر في الخلافة ويهواها وقد أقبل عليها بشغفٍ ولهفة.
الثانية: أنّ الصدّيق والفاروق وأبا عبيدة كانوا يشكّلون حزباً سياسياً مهمّاً لا نستطيع أن نضع له صورة واضحة الخطوط، ولكنّا نستطيع أن نؤكّد وجوده بدلائل متعدّدة، ولا أرى في ذلك ما ينقص من شأنهم أو يحطّ من مقامهم، ولا بأس عليهم أن يفكّروا في امور الخلافة ويتّفقوا فيها على سياسة موحّدة إذا لم يكن لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم نصّ في الموضوع، ولا يبرؤهم- إذا كان النصّ ثابتاً-