أن يكون أمير الناس، فتلهّف كل من أبي بكر وعمر على أن يكون المقاتل على التأويل، مع أنّ القتال على التنزيل كان متيسّراً لهما في أيّام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ولم يشاركا فيه بنصيب قد يدلّ على ذلك الجانب الذي نحاول أن نستكشفه في شخصيّتهما.
بل اريد أذهب إلى أكثر من هذا فالاحظ أنّ اناساً متعدّدين كانوا يعملون في صالح أبي بكر وعمر[1] وفي مقدّمتهم عائشة وحفصة اللّتان أسرعتا باستدعاء والديهما عندما طلب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم حبيبه في لحظاته الأخيرة[2] التي كانت تجمع دلائل الظروف على أ نّها الظرف الطبيعي للوصية ولا بدّ أ نّهما هما اللتان عنتهما الرواية التي تقول: إنّ بعض نساء النبيّ أرسلن رسولًا إلى اسامة لتأخيره عن السفر[3]. فإذا علمنا هذا، وعلمنا أنّ هذا لم يكن بإذن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم- وإلّا لما أمره بالإسراع بالرحيل لمّا قدم عليه بعد ذلك[4]، وأنّ سفره مع مَن معه كان يعيق عن تحقّق النتائج التي انتجها يوم السقيفة- خرجت لدينا قضية مرتّبة الحلقات على اسلوب طبيعي يعزّز ما ذهبنا إليه من رأي.
[1] وقد سُئل النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم عندما هدّد طائفةً من قريش برجلٍ من قريش امتحن اللَّه قلبه للإيمان يضرب رقابهم على الدين، إنّ ذلك الرجل هل هو أبو بكر؟ فقال: لا، فقيل: عمر؟ قال: لا … إلخ. مسند أحمد بن حنبل 3: 33، والرواية تهمل اسم السائل الذي توهّم أنّ الشخص الذي وصفه النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم هو أبو بكر أو عمر، وإذا لم يكن أبو بكر وعمر معروفين بشجاعةٍ وبسالةٍ في المشاهد الحربيّة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فلا بُدّ أنّ أمراً آخر دعا السائل إلى أن يسأل ذينك السؤالين، والبقية أتركها لك.( المؤلّف قدس سره)
[2] السنن الكبرى للنسائي 5: 145، الباب 54، وأيضاً مختصر تأريخ ابن عساكر 18: 21
[3] شرح نهج البلاغة 1: 160
[4] راجع الكامل في التأريخ 2: 218، الطبقات الكبرى 2: 248- 250