رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم إيّاها فدك، فقد ادّعت الصدِّيقة النِحلة وشهد بذلك قرينها وامّ أيمن فلم يقبل الخليفة دعواها، ولم يكتف بشاهدَيها، وطالبها ببيّنة كاملة وهي رجلان أو رجل وامرأتان[1].
1- والنقطة الاولى التي نؤاخذ الصدِّيق عليها هي وقوفه موقف الحاكم في المسألة مع أنّ خلافته لم تكتسب لوناً شرعياً إلى ذلك الحين على أقلّ تقدير.
ولكنّنا لا نريد الآن أن نضع هذه المؤاخذة قيد الدرس؛ لأنّ المناقشة على هذا الشكل تبعثنا إلى آفاق واسعة من البحث وتضطرّنا إلى نسف الحجر الأساسي لدنيا السياسة في الإسلام، وهي عملية لها حساب طويل.
2- والملاحظة الثانية في الموضوع هي أنّ فدك إذا كانت في حيازة الزهراء عليها السلام فلا حاجة لها إلى البيّنة، وفي هذه الملاحظة أمران:
أوّلًا: من هو الذي كانت فدك في حيازته؟ وهل كانت في يد الزهراء حقّاً؟ قد يمكن أن نفهم ذلك من قول أمير المؤمنين في رسالته الخالدة إلى عثمان ابن حنيف: «بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلّته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسَخَت عنها نفوس آخرين»[2]. فإنّ المفهوم من كلمة «أيدينا» أنّ فدك كانت في أيدي أهل البيت، وقد نصّت على ذلك روايات الشيعة[3].
وحَصْر ما كان في تلك الأيدي التي عناها الإمام بفدك يدلّ على أ نّها كانت في حيازة عليّ وزوجه خاصّة، ويمنع عن تفسير العبارة بأنّ فدك كانت في يد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم باعتبار أنّ حيازته حيازة أهل البيت؛ لأنّنا نعلم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كانت في يده أشياء اخرى غير فدك من مختصّاته وأملاكه.
[1] شرح نهج البلاغة 16: 216
[2] شرح نهج البلاغة 16: 208
[3] بحار الأنوار 48: 156، الحديث 29