الذي كان بمثابة إعلان الحرب، وأخذ يترقّب تضعضع الأوضاع ليشهر سيفه بين السيوف، فكان حريّاً به أن تثور حماسته ويزول تهيّبه ويضعف الحزب القائم في نظره إذا رأى صوتاً قويّاً يجهر بالثورة فيعيدها جذعة ويحاول إجلاء المهاجرين من المدينة بالسيف كما أعلن ذلك المتكلّم عن لسانه في مجلس السقيفة.
ولا ننسى بعد ذلك الامويّين وتكتّلهم السياسي في سبيل الجاه والسلطان، وما كان لهم من نفوذ في مكّة في سنواتها الجاهلية الأخيرة، فقد كان أبو سفيان زعيمها في مقاومة الإسلام والحكومة النبويّة، وكان عتاب بن اسيد بن أبي العاص ابن اميّة أميرها المطاع في تلك الساعة.
وإذا تأمّلنا ما جاء في تأريخ تلك الأيام من أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لمّا توفّي ووصل خبره إلى مكّة وعامله عليها عتاب بن اسيد بن أبي العاص بن اميّة استخفى عتاب وارتجّت المدينة وكاد أهلها يرتدّون[1]، فقد لا نقتنع بما يعلّل به رجوعهم عن الارتداد من العقيدة والإيمان. كما أ نّي لا اؤمن بأنّ مردّ ذلك التراجع إلى أ نّهم رأوا في فوز أبي بكر فوزهم وانتصارهم على أهل المدينة كما ذهب إليه بعض الباحثين؛ لأنّ خلافة أبي بكر كانت في اليوم الذي توفّي فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، وأكبر الظنّ أنّ خبر الخلافة جاءهم مع خبر الوفاة، بل تعليل القضية في رأيي أنّ الأمير الاموي عتاب بن اسيد شاء أن يعرف اللون السياسي الذي اتّخذته اسرته في تلك الساعة، فاستخفى وأشاع بذلك الاضطراب حتّى إذا عرف انّ أبا سفيان قد رضي بعد سخط وانتهى مع الحاكمين إلى نتائج في صالح البيت الاموي ظهر مرّة اخرى للناس وأعاد الامور إلى مجاريها. وعليه فالصلة السياسية بين
[1] الكامل في التأريخ 2: 324