فلأجل أن يفهم المسلمون أ نّه امتداد طبيعي لمحمّد صلى الله عليه و آله و سلم وشعاع متأ لّق من روحه العظيمة.
وإن كان النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قد خرج من مكّة مهاجراً خائفاً على نفسه وخلّف عليّاً على فراشه[1] ليموت بدلًا عنه، فمعنى ذلك أنّ المبدأ المقدّس هو الذي كان يرسم للعظيمين خطوط حياتهما، وإذا كان لا بدّ للقضية الإلهية من شخص تظهر به وآخر يموت في سبيلها، فيلزم أن يبقى رجُلها الأوّل لتحيا به، ويقدّم رجُلها الثاني نفسه قرباناً لتحيا به أيضاً.
وإن كان عليٌّ هو الذي أباحت له السماء خاصّة النوم في المسجد والدخول فيه جنباً[2] فمفهوم هذا الاختصاص أنّ في معانيه معنى المسجد لأنّ المسجد رمز السماء الصامت في دنيا المادّة وعليٌّ هو الرمز الإلهي الحيّ في دنيا الروح والعقيدة.
وإن كانت السماء قد امتدحت فتوّة عليّ وأعلنت عن رضاها عليه إذ قال المنادي: لا سيف إلّاذو الفقار ولا فتى إلّاعلي[3]، فإنّها عنت بذلك أنّ فتوّة عليّ وحدها هي القوّة المعدّة لتركيز العقيدة القرآنية على وجه الأرض، وأ نّها وحدها هي الرجولة الكاملة التي لا يرتفع إلى مداها إنسان ولا ترقى إلى افقها بطولة الأبطال وإخلاص المخلصين.
[1] راجع: تفسير الرازي 5: 204، سيرة ابن هشام 2: 95، تذكرة سبط ابن الجوزي: 34
[2] راجع: مسند أحمد بن حنبل 4: 369، وشرح نهج البلاغة 2: 451، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: 41، والصواعق المحرقة: 123، تأريخ الخلفاء للسيوطي: 172 قال: أخرجه البزّار عن سعد
[3] راجع: تأريخ الطبري 2: 65