ومن شأن هذه المعارضة أ نّها تطول وتتّسع لأنّها ليست متمثّلة في شخص بل في بيت كبير، ونستطيع أن نفهم من هذا أنّ سياسة الصدّيق وعمر هي التي وضعت الحجر الأساسي لملك بني اميّة حتّى يضمنا بذلك المنافس لعليّ وآل عليّ على طول الخطّ[1].
الثالثة: عزل الخليفة لخالد بن سعيد بن العاص عن قيادة الجيش الذي وجّهه لفتح الشام بعد أن أسندها إليه لا لشيء إلّالأنّ عمر نبّهه إلى نزعته الهاشمية وميله إلى آل محمّد صلى الله عليه و آله و سلم، وذكّره بموقفه تجاههم بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم[2].
ولو كنّا نريد التوسّع في دراسة هذه الناحية لعطفنا على هذه الشواهد قصّة الشورى العمرية التي نزل فيها عمر (رضي اللَّه تعالى عنه) بعليّ عليه السلام إلى صفّ أشخاصٍ خمسة لا يكافئون عليّاً في شيء من معانيه المحمّدية، وقد كان الزبير وهو أحد الخمسة يرى يوم توفّي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أنّ الخلافة حقّ شرعي لعليّ، فلاحظ كيف انتزع عمر هذا الرأي من عقله وأعدّه للمنافسة بعد حين؛ إذ جعله أحد الستّة الذين فيهم عليّ.
وإذن فقد كانت الفئة الحاكمة تحاول أن تساوي بين بني هاشم وسائر الناس وترتفع برسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم عن الاختصاص بهم لتنتزع بذلك الفكرة التي كانت تزوّد الهاشميّين بطاقة على المعارضة. ولئن اطمأن الحاكمون إلى أنّ عليّاً لا يثور عليهم في تلك الساعة الحرجة على الإسلام، فهم لا يأمنون من انتفاضه
[1] وهذا هو السرّ السياسي الذي غفل عنه الباحثون في قصّة الشورى. وقد جاء عن عمر أ نّه هدّد الستّة الذين أوكل إليهم الأمر بمعاوية، وتنبّأ لهم بأ نّه سيملك الأمر. راجع شرح نهج البلاغة 1: 187، وهذا إن دلّ على فراسته فهو على لون سياسته أدلّ.( المؤلّف قدس سره)
[2] راجع شرح نهج البلاغة 2: 58- 59