مربّ لكلّ فتنة وتشبيهه له بامّ طحال أحبُّ أهلها إليها البغي، وقد قال عمر لعليّ بكلّ وضوح: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم منّا ومنكم[1].
الثانية: أنّ الخليفة الأوّل لم يشارك شخصاً من الهاشميّين في شأن من شؤون الحكم المهمّة، ولا جعل فيهم والياً على شبر من المملكة الإسلامية الواسعة مع أنّ نصيب الامويّين في ذلك كان عظيماً.
وأنت تفهم بوضوح أنّ هذا وليد سياسة متعمّدة من محاورة وقعت بين عمر وابن عبّاس أظهر فيها تخوّفه من تولية الثاني حمص؛ لأنّه يخشى إذا صار الهاشميّون ولاة على أقطار المملكة الإسلامية أن يموت وهم كذلك فيحدث في أمر الخلافة ما لا يريد[2].
ونحن إذا عرفنا من رأي عمر إن ظفر ببيتٍ من البيوت الطامحة إلى السلطان بالولاية في الأقطار الإسلامية يهيّؤهم لنَيل الخلافة والمركز الأعلى، ولاحظنا أنّ الامويّين ذوي الألوان السياسية الواضحة كان فيهم ولاة احتلّوا الصدارة في المجالات الإدارية أيام أبي بكر وعمر، وأضفنا إلى ذلك أ نّه كان يعلم على أقل تقدير بأنّ الشورى التي ابتكرها سوف تجعل من شيخ الامويّين عثمان خليفة، خرجنا بنتيجة مهمّة وتقدير تاريخي تدلّ على صحّته عدّة من الظواهر، وهو أنّ الخليفتين كانا يهيّئان للسلطان الاموي أسبابه ومعدّاته، وهما يعلمان حقّ العلم أنّ إنشاء كيان سياسي من جديد للُامويين خصوم بني هاشم القدامى، معناه تقديم المنافس للهاشميّين في زعيم امويّ، وتطوّر المعارضة الفردية للبيت الهاشمي إلى معارضة بيت مستعد للنزاع والمنافسة أكمل استعداد.
[1] الغدير 5: 374، بحار الأنوار 28: 292
[2] مروج الذهب 2: 321- 322