عليه الناس.
واختارت الفئة المسيطرة أن تثبت على آرائها التي روّجتها في مؤتمر الأنصار وتعترض على المعارضين بأن مخالفتهم بعد بيعة الناس للخليفة ليست إلّا إحداثاً للفتنة المحرّمة في عرف الإسلام.
وهذا هو الاسلوب الوقتي الذي اتّخذه الحاكمون للقضاء على هذا الجانب من المعارضة الهاشمية، وقد ساعدتهم الظروف الإسلامية الخاصّة يومئذٍ على نجاحه كما سنوضّحه.
غير أ نّنا نحسّ ونحن ندرس سياسة الحاكمين بأ نّهم انتهجوا منذ اللحظة الاولى سياسة معيّنة تجاه آل محمّد صلى الله عليه و آله و سلم للقضاء على الفكرة التي أمدّت الهاشميّين بقوّة على المعارضة كما خنقوا المعارضة نفسها. ونستطيع أن نصف هذه السياسة بأ نّها تهدف إلى إلغاء امتياز البيت الهاشمي، وإبعاد أنصاره والمخلصين له عن المرافق الهامّة في جهاز الحكومة الإسلامية يومئذٍ وتجريده عمّا له من الشأن والمقام الرفيع في الذهنية الإسلامية.
وقد يعزّز هذا الرأي عدّة ظواهر تأريخية:
الاولى: سيرة الخليفة وأصحابه مع عليّ التي بلغت من الشدّة أنّ عمر هدّد بحرق بيته وإن كانت فاطمة فيه، ومعنى هذا إعلان أنّ فاطمة وغير فاطمة من آلها ليس لهم حرمة تمنعهم عن أن يتّخذ معهم نفس الطريقة التي سار عليها مع سعد بن عبادة حين أمر الناس بقتله[1]. ومن صور ذلك العنف وصف الخليفة لعليّ بأ نّه
[1] راجع تأريخ الطبري 2: 244 في قصّة السقيفة: … فقال ناسٌ من أصحاب سعد:« اتّقوا سعداً لا تطؤوه، فقال عمر: اقتلوه قتله اللَّه، ثمّ قام على رأسه فقال: لقد هممتُ أن أطأك حتّى تُنْدَر عضدك …»