عن تلك الأيام.
ولا ننسى أن نلاحظ أنّ الظروف الاقتصادية العامّة كانت تدعو إلى الارتفاع بماليّة الدولة والاهتمام بإكثارها استعداداً للطوارئ المترقّبة؛ فلعلّ هذا حدى بالحاكمين إلى انتزاع فدك، كما يتبيّن ذلك بوضوح من حديث لعمر مع أبي بكر يمنعه فيه عن تسليم فدك إلى الزهراء[1] ويعلّل ذلك بأنّ الدولة في حاجة إلى المال لإنفاقه في توطيد الحكم، وتأديب العُصاة، والقضاء على الحركات الانفصالية التي قد يقوم بها المرتدّون.
ويظهر من هذا رأي للخليفتين في الملكية الفردية، هو أنّ للخليفة الحقّ في مصادرة أموال الناس لإنفاقها في امُور المملكة وشؤون الدولة العامّة بلا تعويض ولا استئذان. فليس للفرد ملكية مستقرّة لأمواله وعقاره في حال احتياج السلطات إلى شيء منها. وقد ذهب إلى هذا الرأي كثير من الخلفاء الذين انتهى إليهم الأمر بعد أبي بكر وعمر، فامتلأ تاريخهم بالمصادرات التي كانوا يقومون بها، غير أنّ أبا بكر لم يطبّق هذا الرأي إلّافي أملاك بنت النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم خاصّة.
وقد تردّد الحزب الحاكم في معالجة الاسلوب الثاني من المعارضة بين اثنتين.
إحداهما: أن لا يقرّ للقرابة بشأن في الموضوع، ومعنى هذا أ نّه ينزع عن خلافة أبي بكر ثوبها الشرعي الذي ألبسها إيّاه.
والاخرى: أن يناقض نفسه فيظلّ ثابتاً على مبادئه التي أعلنها في السقيفة، ولا يرى حقّاً للهاشميين ولا امتيازاً لهم في مقاييس الرجال، أو يراه لهم ولكن في غير ذلك الظرف الذي يكون معنى المعارضة فيه مقابلة حكمٍ قائم ووضعٍ تعاقد
[1] شرح نهج البلاغة 16: 274، والسيرة الحلبيّة 3: 488