مسألةً خاصّةً وكان الهدف تنفيذ خطّةٍ متّفقٍ عليها سابقاً.
الثاني: موقف عمر من مسألة وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وادّعاؤه أ نّه لم يمت، ولا يستقيم في تفسيره أن نقول: إنّ عمر ارتبك في ساعة الفاجعة وفقد صوابه وادّعى ما ادّعى؛ لأنّ حياة عمر كلّها تدلّ على أ نّه ليس من هذا الطراز، وخصوصاً موقفه الذي وقفه في السقيفة بعد تلك القصّة مباشرةً. فالذي تؤثّر المصيبة عليه إلى حدٍّ تفقده صوابه لا يقف بعدها بساعةٍ يحاجج ويجادل ويقاوم ويناضل.
ونحن نعلم أيضاً أنّ عمر لم يكن يرى ذلك الرأي الذي أعلنه في تلك الساعة الحرجة قبل ذلك بأيّامٍ أو بساعاتٍ حينما اشتدّ برسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم المرض وأراد أن يكتب كتاباً لا يضلّ الناس بعده، فعارضه عمر وقال: إنّ كتاب اللَّه يكفينا وإنّ النبيّ يهجر، أو: قد غلب عليه الوجع[1] كما في صحاح السُنّة. فكان يؤمن بأنّ رسول اللَّه يموت، وأنّ مرضه قد يؤدّي إلى موته، وإلّا لما اعترض عليه.
وقد جاء في تأريخ ابن كثير: أنّ عمر بن زائدة قرأ الآية التي قرأها أبو بكر على عمر قبل أن يتلوها أبو بكر، فلم يقتنع عمر، وإنّما قبل كلام أبي بكر خاصّةً واقتنع به[2].
فما يكون تفسير هذا كلّه إذا لم يكن تفسيره: أنّ عمر شاء أن يشيع الاضطراب بمقالته بين الناس لينصرفوا إليها وتتّجه الأفكار نحوها تفنيداً أو تأييداً ما دام أبو بكر غائباً؛ لئلّا يتمّ في أمر الخلافة شيء ويحدث أمرٌ لا بدّ أن يحضره أبو بكر- على حدّ تعبيره- وبعد أن أقبل أبو بكر اطمأنّ باله، وأمِن من
[1] صحيح البخاري 1: 39، كتاب العلم، باب كتابة العلم، و 9: 137
[2] البداية والنهاية لابن كثير 5: 242