تمام البيعة للبيت الهاشمي ما دام للمعارضة صوت في الميدان، وانصرف إلى تلقّط الأخبار حادساً بما سيقع، فظفر بخبر ما كان يتوقّعه!
الثالث: شكل الحكومة التي تمخّضت عنها السقيفة، فقد تولّى أبو بكر الخلافة، وأبو عبيدة المال، وعمر القضاء[1]. وفي مصطلحنا اليوم: أنّ الأوّل تولّى السياسة العليا، والثاني تولّى السياسة الاقتصاديّة، والثالث تولّى السلطات القضائية؛ وهي الوظائف الرئيسية في مناهج الحكم الإسلامي. وتقسيم المراكز الحيوية في الحكومة الإسلامية يومئذٍ بهذا الاسلوب على الثلاثة الذين قاموا بدورهم المعروف في سقيفة بني ساعدة لا يأتي بالصدفة على الأكثر، ولا يكون مرتجلًا.
الرابع: قول عمر حين حضرته الوفاة: لو كان أبو عبيدة حيّاً لولّيته[2].
وليست كفاءة أبي عبيدة هي التي أوحت إلى عمر بهذا التمنّي؛ لأنّه كان يعتقد أهليّة عليٍّ للخلافة، ومع ذلك لم يشأ أن يتحمّل أمر الامّة حيّاً وميّتاً[3].
وليست أمانة أبي عبيدة التي شهد له النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم بها- بزعم الفاروق- هي السبب في ذلك؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم لم يخصّه بالإطراء، بل كان في رجالات المسلمين يومئذٍ من ظفر بأكثر من ذلك من ألوان الثناء النبويّ كما تُقرِّر ذلك صحاح السُنّة والشيعة.
الخامس: اتّهام الزهراء للحاكمين بالحزبيّة السياسيّة، كما سنرى في الفصل
[1] الكامل في التأريخ لابن الأثير 2: 176
[2] شرح نهج البلاغة 1: 190
[3] راجع تأريخ الطبري 2: 580، الأنساب للبلاذري 5: 16