فقاموا وبايعوا أبا بكر، وأقبل الناس يبايعونه من كلّ جانب[1].
ونلاحظ في هذه القصّة: أنّ عمر هو الذي سمع بقصّة السقيفة واجتماع الأنصار فيها وأخبر أبا بكر بذلك، وما دمنا نعلم أنّ الوحي لم ينزل عليه بذلك النبأ فلا بدّ أ نّه ترك البيت النبويّ بعد أن جاء أبو بكر وأقنعه بوفاة النبيّ، فلماذا ترك البيت؟ ولماذا اختصّ أبا بكر بنبأ السقيفة؟ إلى كثيرٍ من هذه النقاط التي لا نجد لها تفسيراً معقولًا أولى من أن يكون في الأمر اتّفاق سابق بين أبي بكر وعمر وأبي عبيدة على خطّةٍ معيّنةٍ في موضوع الخلافة، وهذا التقدير التأريخي قد نجد له شواهد عديدةً تجيز لنا افتراضه:
الأوّل: تخصيص عمر لأبي بكر بنبأ السقيفة كما سبق، وإصراره على استدعائه بعد اعتذاره بأ نّه مشغول، حتّى إذا أشار إلى الغرض ولمّح إليه خرج مسرعاً وذهبا على عجلٍ إلى السقيفة[2]، وقد كان من الممكن أن يطلب غيره من أعلام المهاجرين بعد اعتذاره عن المجيء، فهذا الحرص لا يمكن أن نفسّره بالصداقة التي كانت بينهما؛ لأنّ المسألة لم تكن مسألة صداقة، ولم يكن أمر منازعة الأنصار يتوقّف على أن يجد عمر صديقاً له، بل على أن يستعين بمن يوافقه في أحقّيّة المهاجرين أيّاً كان.
ولا ننسى أن نلاحظ: أ نّه أرسل رسولًا إلى أبي بكر، ولم يذهب بنفسه ليخبره بالخبر؛ خوفاً من انتشاره في البيت وتسامع الهاشميّين أو غير الهاشميّين به، وقد طلب من الرسول في المرّة الثانية أن يخبره بحدوث أمرٍ لا بدّ أن يحضره.
ونحن لا نرى حضور أبي بكر خاصّة لازماً في ذلك الموضوع إلّاإذا كانت المسألة
[1] شرح نهج البلاغة 2: 37- 39 مع اختلافٍ يسير في الألفاظ
[2] تأريخ الطبري 2: 242