للظالمين بدلًا.
استبدلوا واللَّه الذنابى بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قومٍ يحسبون أ نّهم يحسنون صنعاً «أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ» ويحهم «أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»»[1].
ولم يؤثَر عن نساء النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أ نّهن خاصمن أبا بكر في شيءٍ من ميراثهن، أكُنّ أزهد من الزهراء في متاع الدنيا وأقرب إلى ذوق أبيها في الحياة؟ أو أ نّهنّ اشتغلن بمصيبة رسول اللَّه ولم تشتغل بها بضعته؟ أو أنّ الظروف السياسية هي التي فرّقت بينهنّ فأقامت من الزهراء معارضةً شديدةً ومنازعةً خطرةً دون نسوة النبيّ اللاتي لم تزعجهنّ أوضاع الحكم؟
وأكبر الظنّ أنّ الصدّيقة كانت تجد في شيعة قرينها وصفوة أصحابه الذين لم يكونوا يشكّون في صدقها من يعطف شهادته على شهادة عليّ، وتكتمل بذلك البيّنة عند الخليفة. أفلا يفيدنا هذا أنّ الهدف الأعلى لفاطمة الذي كانوا يعرفونه جيّداً ليس هو إثبات النِحلة أو الميراث، بل القضاء على نتائج السقيفة؟ وهو لا يحصل بإقامة البيّنة في موضوع فدك، بل بأن تقوم البيّنة لدى الناس جميعاً على أ نّهم ضلّوا سواء السبيل. وهذا ما كانت تريد أن تقدّمه الحوراء في خطّتها المناضلة.
ولنستمع إلى كلام الخليفة بعد أن انتهت الزهراء من خطبتها وخرجت من المسجد، فصعد المنبر وقال: «أيّها الناس، ما هذه الرِعَة إلى كلّ قالة؟! أين كانت
[1] شرح نهج البلاغة 16: 233- 234، والاحتجاج 1: 108- 109 مع اختلافٍ في اللفظ. والآية الاولى من سورة البقرة: 12، والثانية من سورة يونس: 35