وتسجيل حقّ أهل البيت الذين وصفتهم بأ نّهم الوسيلة إلى اللَّه في خلقه وخاصّته ومحلّ قدسه وحجّته في غيبه وورثة أنبيائه في الخلافة والحكم، وإلفات المسلمين إلى حظّهم العاثر واختيارهم المرتجل وانقلابهم على أعقابهم، وورودهم غير شربهم، وإسنادهم الأمر إلى غير أهله، والفتنة التي سقطوا فيها، والدواعي التي دعتهم إلى ترك الكتاب ومخالفتهم فيما يحكم به في موضوع الخلافة والإمامة.
فالمسألة إذن ليست مسألة ميراثٍ ونِحلةٍ إلّابالمقدار الذي يتّصل بموضوع السياسة العليا، وليست مطالبةً بعقارٍ أو دار، بل هي في نظر الزهراء مسألة إسلامٍ وكفر، ومسألة إيمانٍ ونفاق، ومسألة نصٍّ وشورى.
وكذلك نرى هذا النَفَس السياسي الرفيع في حديثها مع نساء المهاجرين والأنصار، إذ قالت في ما قالت: «أين زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوّة والدلالة، ومهبط الروح الأمين والطبين[1] بأمر الدنيا والدين؟ ألا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من أبي حسن؟ نقموا واللَّه نكير سيفه، وشدّة وطأته، ونكال وقعته، وتنمّره في ذات اللَّه، وتاللَّه لو تكافأوا عن زمامٍ نبذه إليه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لاعتلقه وسار إليهم سيراً سجحاً لا تُكلم حشاشه، ولا يُتعتع راكبه، ولَأوردهم منهلًا نميراً فضفاضاً تطفح ضفتاه، ولأصدرهم بطاناً قد تحيّر بهم الرأي، غير متحلٍّ بطائلٍ إلّابغمر الناهل وردعه سورة الساغب، ولفُتحت عليهم بركات من السماء والأرض، وسيأخذهم اللَّه بما كانوا يكسبون، ألا هلمّ فاستمع، وما عشت أراك الدهر عجباً، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أيّ لجاً استندوا؟ وبأيّ عروةٍ تمسّكوا؟ لبئس المولى ولبئس العشير، ولبئس
[1] الطبين: الفطن الحاذق العالم بكلّ شيء