ونلاحظ قبل كلّ شيءٍ أنّ الاستاذ شاء أن يعتبر البحث في مسألة فدك لوناً من ألوان النزاع التي ليس لها قرار، ولا يصل الحديث فيه إلى نتيجةٍ فاصلةٍ ليقدِّم بذلك عذره عن التوفّر على دراستها، وأعتقد أنّ في محاكمات هذا الكتاب التي سترد عليك جواباً عن هذا، ونلاحظ أيضاً أ نّه بعد أن جعل مسألة فدك من الأحاديث التي لا تنتهي إلى مقطعٍ للقول متّفقٍ عليه رأى أنّ فيها حقيقتين لا مراء فيهما ولا جدال:
إحداهما: أنّ الصدّيقة أرفع من أن تنالها تهمة بكذب.
والاخرى: أنّ الصدّيق أجَلّ من أن يسلبها حقّها الذي تثبته البيّنة. فإذا لم يكن في صحّة موقف الخليفة واتّفاقه مع القانون جدال ففيم الجدال الذي لا قرار له؟! ولِمَ لا تنتهي مسألة فدك إلى مقطعٍ للقول متّفقٍ عليه؟!
وأنا أفهم أنّ للكاتب الحرّية في أن يسجّل رأيه في الموضوع، أيّ موضوعٍ كما يشاء، وكما يشاء له تفكيره بعد أن يرسم للقارئ مدارك ذلك الرأي، وبعد أن يُدخل تقديرات المسألة كلّها في الحساب ليخرج منها بتقديرٍ معيّن، ولكنّي لا أفهم أن يقول: إنّ المسألة موضوع لبحث الباحثين ثمّ لا يأتي إلّابرأيٍ مجرّدٍ عن المدارك يحتاج إلى كثيرٍ من الشرح والتوضيح، وإلى كثيرٍ من البحث والنظر، فإذا كانت الزهراء أرفع من كلّ تهمةٍ فما حاجتها إلى البيّنة؟! وهل تمنع التشريعات القضائية في الإسلام عن أن يحكم العالم استناداً إلى علمه؟ وإذا كانت تمنع عن ذلك فهل معنى هذا أن يجوز في عرف الدين سلب الشيء من المالك؟
هذه أسئلة، ومعها أسئلة اخرى أيضاً في المسألة تتطلّب جواباً علميّاً وبحثاً في ضوء أساليب الاستنباط في الإسلام.
واريد أن أكون حُرّاً، وإذن فإنّي أستميح الاستاذ أن الاحظَ أنّ تزكية موقف