مضى مع ما مضى من تأريخ الإسلام بعد أن طال قروناً.
ولعلّ الخليفة الأوّل كان هو أوّل من أعلن ذلك المذهب عندما صرخ في وجه من سأله عن مسألة الحرّية الإنسانية والقدر، وهدّده وتوعّده[1]، ولكن أليس قد أراحنا اللَّه تعالى من هذا المذهب الذي يُسيء إلى روح الإسلام؟! وإذن، فكان لي أن أتوقّع بحثاً لذيذاً يتحفنا به الاستاذ في موضوع الخصومة من شتّى نواحيها، ولكنّ الواقع كان على عكس ذلك، فإذا بكلمة الكتاب حول الموضوع قصيرة وقصيرة جدّاً، وإلى حدٍّ أستبيح لنفسي أن أنقلها واعرضها بين يديك دون أن اطيل عليك، فقد قال:
«والحديث في مسألة فدك هو كذلك من الأحاديث التي لا تنتهي إلى مقطعٍ للقول متّفقٍ عليه، غير أنّ الصدق فيه: لا مِراءَ أنّ الزهراء أجَلّ من أن تطلب ما ليس لها بحقٍّ، وأنّ الصدّيق أجَلّ من أن يسلبها حقّها الذي تقوم به البيّنة عليه، ومن أسخف ما قيل: إنّه إنّما منعها فدك مخافة أن ينفق عليٌّ من غلّتها على الدعوة إليه؛ فقد ولي الخلافة أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ ولم يسمع أنّ أحداً بايعهم لمالٍ أخذه منهم، ولم يرد ذكر شيءٍ من هذا في إشاعةٍ ولا في خبرٍ يقين، وما نعلم تزكيةً لذمّة الحكم من عهد الخليفة الأوّل أوضح بيّنةٍ من حكمه في مسألة فدك، فقد كان يكسب برضا فاطمة، ويرضي الصحابة برضاها، وما أخذ من فدكٍ شيئاً لنفسه في ما ادّعاه عليه مدّع، وإنّما هو الحرج في ذمّة الحكم بلغ أقصاه بهذه القضية بين هؤلاء الخصوم الصادقين المصدّقين رضوان اللَّه عليهم أجمعين»[2] انتهى.
[1] سنن الدارمي: 53- 54
[2] فاطمة الزهراء والفاطميون: 60