لم يكن هذا حكماً بملكيّته له، وإنّما هو إجراء للأحكام التي نصّ عليها القانون.
كما أنّ الحاكم نفسه إذا ادّعى شخص عنده ملكية بيت وكان في حيازته أو دلَّ الاستصحاب على الملكية المدّعاة فاللازم عليه وعلى غيره من المسلمين أن يعتبروا هذا البيت كسائر ممتلكات ذلك المدّعي. وليس معنى هذا أنّ الحاكم حكم بأنّ البيت ملك لمدّعيه مستنداً إلى قاعدة اليد أو الاستصحاب، وأنّ المسلمين أخذوا أنفسهم باتّباع هذا الحكم، بل لو لم يكن بينهم حاكم للزمهم ذلك. وليس الاستصحاب أو اليد من موازين الحكم في الشريعة وإنّما يوجبان تطبيق أحكام الواقع.
والفارق بين حكم الحاكم بملكية شخص لمال، أو فسقه ونحوهما من الشؤون التي تتّسع لها صلاحيات الحاكم وبين تطبيق آثار تلك الامور هو:
امتياز الحكم بفصل الخصومة، ونعني بهذا الامتياز أنّ الحاكم إذا أصدر حكماً حرم نقضه على جميع المسلمين، ولزم اتّباعه من دون نظر إلى مدرك آخر سوى ذلك الحكم.
وأمّا تطبيق القاضي لآثار الملكية عمليّاً بلا حكم فلا يترتّب عليه ذلك المعنى ولا يجب على كل مسلم متابعته وإجراء تلك الآثار كما يجريها إلّاإذا حصل له العلم بذلك كما حصل للحاكم.
والنتيجة: إنّ الخليفة إذا كان يعلم بملكية الزهراء لفدك فالواجب عليه أن لا يتصرّف فيها بما تكرهه، ولا ينزعها منها، سواء جاز له أن يحكم على وفق علمه أوْ لا. ولم يكن في المسألة منكر ينازع الزهراء ليلزم طلب اليمين منه واستحقاقه للمال إذا أقسم؛ لأنّ الأموال التي كانت تطالب بها الزهراء إمّا أن تكون لها أو للمسلمين. وقد افترضنا أنّ أبا بكر هو الخليفة الشرعي للمسلمين