وإذا لم يكن إعطاء الخليفة لمدّعي العِدَة ما طلبه على أساس الأخذ بدعواه، وإنّما دعاه احتمال صدقه إلى إعطائه ذلك، وللإمام أن يعطي أيّ شخص المبلغ الذي يراه، فلماذا لم يحتط بمثل هذا الاحتياط في مسألة فدك؟!
وهكذا أنجز الصدِّيق وعود رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم التي لم تقم عليها بيّنة وأهمل هباته المنجزة التي ادّعتها سيّدة نساء العالمين. وبقي السؤال عن الفارق بين الديون والعِدات وبين نحلة بلا جواب مقبول.
5- ولنستأنف مناقشتنا على أساس جديد وهو: أنّ الحاكم لا يجوز له الحكم على طبق الدعوى المصدّقة لديه إذا لم يحصل المدّعي على بيّنة تشهد له، ونهمل النتيجة التي انتهينا إليها في النقطة السابقة ونسأل على هذا التقدير:
أوّلًا: عمّا منع الصدِّيق من التقدّم بالشهادة على النِحلة إذا كان عالماً بصدق الحوراء سلام اللَّه عليها، إذ يضمّ بذلك شهادته إلى شهادة عليّ وتكتمل بهما البيّنة ويثبت الحقّ. واعتباره لنفسه حاكماً لا يوجب سقوط شهادته؛ لأنّ شهادة الحاكم معتبرة وليست خارجة عن الدليل الشرعي الذي أقام البيّنة مرجعاً في موارد الخصومة.
وثانياً: عن التفسير المقبول لإغفال الخليفة للواقع المعلوم لديه بحسب الفرض. ولأجل توضيح هذه النقطة يلزمنا أن نفرّق بين أمرين اختلطا على جملة الباحثين في المسألة:
أحدهما: الحكم للمدّعي بما يدّعيه.
والآخر: تنفيذ آثار الواقع.
وإذا افترضنا أنّ الأوّل محدود بالبيّنة فالآخر واجب على كلّ تقدير؛ لأ نّه ليس حكماً ليحدّد بحدوده. فإذا علم شخص بأنّ بيته للآخر فسلّمه لمالكه