شرعي؛ لأنّ نفس وضعها قانوناً للقضاء معناه لزوم تطبيقها، فلا يكون الأمر بالتزام القانون إلّاتكراراً أو تنبيهاً، وليس من حقيقة الأمر في شيء. وأ مّا الأمر بالحكم على طبق الحقائق الواقعية سواء أكان عليها دليل من بيّنة وشهادة أو لا، فهو من طبيعة الأمر بالصميم؛ لأنّه تقرير جديد يوضّح أنّ الواقع هو ملاك القضاء الإسلامي والمحور الذي ينبغي أن يدور عليه دون أن يتقيّد بالشكليات والأدلّة الخاصّة[1].
وإذن فالآيتان دليل على اعتبار علم الحاكم في قوانين القضاء الإسلامية[2].
[1] وإذا أردنا أن نترجم هذا المعنى إلى اللغة العلمية قلنا: إنّ الأمر على التقدير الثاني يكون إرشادياً؛ إذ لا ملاك للأمر المولوي في المقام، حيث إنّ المأمور اتّباعه هو بنفسه كافٍ للبعث والتحريك، فظهور الأمر في المولوية يقضي بصرف لفظة العدل إلى المعنى الأوّل؛ لجواز الأمر مولويّاً باتّباع الواقع فيما إذا دلّت عليه البيّنة خاصّة وإمكان الأمر باتّباعه مطلقاً.
وأنا أعتذر عن عدم استعمال الاصطلاحات العلمية الدائرة في مباحث المنطق والفلسفة والفقه والاصول- إلّاحين اضطرّ إلى ذلك اضطراراً- لأنّني احاول أن تكون بحوث هذا الفصل مفهومة لغير المتخصّصين في تلك العلوم.( المؤلّف قدس سره)
[2] إن قيل: إنّ الحديث الوارد عن أهل البيت فيمن قضى بالحقّ وهو لايعلم الحكم باستحقاقه للعقاب يدلّ على عدم كون القضاء من آثار الواقع، فيدور الأمر بين صرف هذه الرواية عن ظهورها في عدم نفوذ الحكم وحمل العقاب فيها على التجرّي، وبين صرف الكلمتين إلى المعنى الثاني.
قلت: لا وجه لكلا التأويلين بل الرواية المذكورة مقيّدة للآيات بصورة العلم، فيكون موضوع القضاء مركّباً من الواقع والعلم به، وبتعبير آخر أ نّه من آثار الواقع الواصل.( المؤلّف قدس سره)