– لا بمجرّد الاتّصال فقط- متقوّم بعلّته ومرتبط الهويّة بها، فيستحيل انتقاله إلى علّة اخرى. ولو افترضنا أنّ الصور المدرَكة أعراض وكيفيّات قائمة بالمدرك قياماً حلوليّاً فيستحيل انتقالها لاستحالة انتقال العرض من موضوع إلى موضوع كما بُرهن عليه في الفلسفة سواءٌ أقلنا بتجرّدها أو بمادّيتها، بأن اعترفنا باشتمال الصور المدرَكة على الخصائص العامّة للمادّة من قابلية الانقسام ونحوها.
وإذن فالعلم يستحيل انتقاله في حكم المذاهب الفلسفية الدائرة حول الصورة العلمية جميعاً.
وإذا لاحظنا النبوّة وجدنا أ نّها هي الاخرى أيضاً ممّا لا يجوز في عرف العقل انتقالها، سواءٌ أذهبنا في تفسيرها مذهب بعض الفلاسفة وقلنا إنّها مرتبة من مراتب الكمال النفسي ودرجة من درجات الوجود الإنساني الفاضل الذي ترتفع إليه المهيّة الإنسانية في ارتقاءاتها الجوهرية وتصاعداتها نحو الكمال المطلق، أو
__________________________________________________
– ولمّا أفلست جميع الحلول التي وُضعت لحلّ الشبهة من إنكار الوجود الذهني وتقرير مذهب المثالية واختيار التعدّد وكون العلم عَرضاً والمعلوم جوهراً وتفسير الجوهر بأ نّه الموجود المستقلّ خارجاً لا ذهناً والانقلاب اضطرّ الباحثون المتأخّرون إلى تقرير أنّ الصورة المعقولة من الجوهر جوهر لا كيف، غير أنّ الفيلسوف الإسلامي الكبير صدر الدين الشيرازي اختار في الأسفار (الأسفار الأربعة 1: 277- 279) أ نّها جوهر بحسب ماهيّتها وكَيفٌ بالعرض. ويمكن الاعتراض عليه بأنّ كل ما بالعرض لا بدّ أن ينتهي إلى ما بالذات، وإذن فلا بدّ أن نفترض كيفاً حقيقيّاً متّحداً مع الصورة لتكون كيفاً بالعرض. وتنتهي النظرية حينئذٍ بصاحبها إلى أحد أمرين إمّا الالتزام بتعدّد ما في النفس أو الاصطدام بالمشكلة الاولى نفسها ولذا كان الأفضل تقرير انّ الصورة المدركة من الإنسان مثلًا جوهر وليست بعرض إطلاقاً، وارتباطها بالنفس ارتباط المعلول بالعلّة لا العرض بموضوعه. (المؤلّف قدس سره)