لو كانت قد خرجت عن ملك النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قبل وفاته لم يكن الحكم بعدم التوريث ثابتاً لها، كما أنّ غيرها من الأموال لو حصل للنبيّ لما ورّثها آله أيضاً.
فعدم توريث التركة النبويّة إن ثبت فهو امتياز لكل ما يخلّفه النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم من أملاك سواءٌ أكانت هذه التي خلّفها أو غيرها. ولا يصحّ أن يقال: إنّه عنى بالتركة الأموال القائمة التي كانت تطالب بها الزهراء.
ونظير ذلك قولك لصاحبك: أكرم كلَّ من يزورك الليلة، ثمّ يزوره شخصان فإنّك لم تعنِ بكلامك هذين الشخصين خاصّة، وإنّما انطبق عليهما الأمر دون غيرهما على سبيل الصدفة. وعلى اسلوب أوضح؛ أنّ تفسير التركة التي لا تورث بأموال معيّنة- وهي الأموال القائمة- يقضي بأنّ الحكم المدلول عليه بالحديث مختصّ- عند المفسّر- بهذه الأموال المحدودة. ولا ريب أنّ تركة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم لو كانت لا تورث لما اختصّ الحكم بالأموال المعيّنة المتروكة بالفعل، بل لَثَبت لكلّ ملك يتركه النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وإن لم يكن من تلك الأموال.
وأيضاً فمن حقّ البحث أن أتساءل عن فائدة الجملة التفسيرية، والغرض المقصود من ورائها فيما إذا كان الحكم المفهوم للخليفة من الحديث أنّ أملاك النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم لا تورّث، فهل كان صِدق التركة على الأموال القائمة مشكوكاً، فأراد أن يرفع الشكّ لينطبق عليها الحديث، ويثبت لها الحكم بعدم التوريث؟
وإذا صحّ هذا التقدير فالشكّ المذكور في صالح الخليفة؛ لأنّ المال إذا لم يتّضح أ نّه من تركة الميّت لا ينتقل إلى الورثة، فلا يجوز أن يكون الخليفة قد حاول رفع هذا الشكّ، ولا يمكن أن يكون قد قصد بهذا التطبيق منع الزهراء من المناقشة في انطباق الحديث على ما تطالب به من أموال؛ لأنّها ما دامت قد طالبت بالأموال القائمة على وجه الإرث فهي تعترف بأ نّها من تركة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم.
ولنفترض أنّ الأموال القائمة قسم من التركة النبويّة وليس المقصود منها مخلّفات