الاولى أو في الأسابيع الاولى من حكومته التي خطبت فيها الزهراء، على أقلّ تقدير.
وما أدريهل خطرت للمتسرّعين المستبدّين نتائج استبدادهم واستقلالهم عن العناصر التي كان من الطبيعي أن يكون لها رأي في الموضوع لو قامت تلك العناصر بالمعارضة، واستعدّ الهاشميّون للمقاومة، وقد كان تقدير هذا المعنى قريباً ومعقولًا إلى حدّ بعيد، فكيف لم يحتاطوا له وانتهوا إلى نتيجتهم المطلوبة في مدّة قد لا تزيد على ساعة؟!
ولماذا نقدّس الموقف أكثر ممّا قدّسه أبطاله؟ فقد بلغ من تقديس الفاروق أ نّه أمر بقتل من عاد إلى مثل بيعة أبي بكر[1] وكرّر ذلك الموقف.
وإذا أردنا أن نأخذ هذا الكلام ونفهمه على أ نّه كلام إمام يراعي دستور الإسلام، فمعنى ذلك أ نّه رأى موقف أبي بكر وأصحابه في السقيفة فتنة وفساداً؛ لأنّ القتل لا يجوز بغير ذلك من الأسباب.
وهي بعد ذلك كلّه امّ الفتن؛ لأنّها هي التي جعلت الخلافة سلطان اللَّه الذي يأتيه البرّ والفاجر كما صرّحت بذلك السيدة عائشة (رضي اللَّه عنها) التي كانت بلا شكّ تمثّل نظريّات الحزب الحاكم[2]. وهي التي فتحت للأهواء والأطماع السياسية ميدانها الواسع، فتولّدت الأحزاب وتناحرت السياسات وتفرّق المسلمون وانقسموا شرّ انقسام ذهب بكيانهم الجبّار ومجدهم في التأريخ.
وماذا ظنّك بهذه الامّة التي أنشأت في ربع قرن المملكة الاولى في أرجاء العالم بسبب أنّ زعيم المعارضة للحكومة في ذلك الحين- أعني عليّاً- لم يتّخذ
[1] الصواعق المحرقة: 56
[2] الدرّ المنثور 6: 19