آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَ تَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ»[1]، ومنهم من خصّ اللَّه تعالى نفسه بالاطّلاع على سرائرهم ونفاقهم فقال لرسوله: «… وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ …»[2].
فجماعة فيها المنافق، وفيها من يؤذي رسول اللَّه، وفيها الكاذب لا يمكن أن يعتبر رأي بعضهم أيّاً كان ملاكاً للمنصب الأوّل في العالم الإسلامي.
وتعليقاً على هذه المعلومات نقول: إنّ خلافة الصدِّيق لم تكن خلافة نصّ، ولا خلافة أكثرية ولا نتيجة انتخاب مباشر ولا غير مباشر، نعم بَذل في سبيلها بعضُ المسلمين جهوداً رائعة، والتفّت حولها طائفة من الناس وانتصرت لها جماعات عديدة في المدينة، ولكن هؤلاء جميعاً ليسوا إلّابعض المسلمين، والبعض ليس له حكم مطاع في الموضوع، لأنّ الحكم الذي يستمدّ معنويّته القانونية من الامّة يلزم أن يكون صاحبه ممثّلًا للُامّة بجميع عناصرها أو أكثر عناصرها، هذا أوّلًا.
وأمّا ثانياً فلأنّ في المسلمين منافقين لا يعلمهم إلّااللَّه بنصّ القرآن الكريم، وتنزيه هذا البعض المتوفّر على إنشاء الكيان السياسي للُامّة حينئذٍ عن النفاق لابدَّ أن يكون عن طريق النصّ أو الامّة.
وإذن فليسمح لنا الصدِّيق أن نميل إلى رأي الزهراء بعض الميل أو كلّ الميل؛ لأنّنا لا نجد للفتنة واقعاً أوضح من تسلّط رجل بلا وجه قانوني على امَّةٍ، وتصرّفه في مرافقها الحيوية جميعاً كالصدِّيق رضى الله عنه في أيام خلافته، أو في الأشهر
[1] التوبة: 75- 77
[2] التوبة: 101