البخاري[1].
قالوا: إنّ أهل الحَلّ والعقد قد بايعوه وكفى.
ولكن ألا يحتاج هذا المفهوم إلى توضيح وإلى مرجع يرجع إليه في ذلك؟
فمن هو الذي اعتبر مبايعي أبي بكر أهل الحلّ والعقد، وأعطاهم هذه الصلاحيات الواسعة؟
ليس هو الامّة ولا النبيّ الأعظم؛ لأنّنا نعلم أنّ أبطال السقيفة لم يأخذوا أنفسهم بمناهج الانتخاب غير المباشر، ولم يستفتوا المسلمين في تعيين المنتخبين الثانويّين الذين اصطُلح عليهم في العرف القديم بأهل الحلّ والعقد.
كما أ نّه لم يؤثَر عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إعطاء هذه الصلاحيات لجماعة مخصوصة، فكيف تُمنح لعدد من المسلمين ويُستأمنون على مقدّرات الامّة بغير رضاً منها في ظلّ نظام دستوريّ كنظام الحكم في الإسلام كما يزعمون؟!
ومن العجيب في العرف السياسي أن تعيّن الحكومة نفسها أهل الحَلّ والعقد ثمّ تكتسب منهم كلمتها العليا!
وأعجب من ذلك إخراج عليّ والعبّاس وسائر بني هاشم وسعد بن عبادة والزبير وعمّار وسلمان وأبي ذر والمقداد وجميع أهل الحجى والرأي- على حدّ تعبير ابن العبّاس لعمر[2]– من أهل الحَلّ والعقد إذا صحّ أنّ في الإسلام طبقة مستأثرة بالحلّ والعقد!!
وقد جرَّ وضع هذه الكلمة في قاموس الحياة الإسلامية إلى تهيئة الجو
[1] صحيح البخاري: فضائل الصحابة باب 35 ص 66 وباب 43 ص 83
[2] إذ قال له: أمّا أهل الحجى والنهى فإنّهم ما زالوا يعدّونه- أي عليّاً- كاملًا منذ رفع اللَّه منار الإسلام، ولكنّهم يعدّونه محروماً مجدوداً، راجع شرح نهج البلاغة 3: 115.( المؤلّف قدس سره)