كانت فتنة في رأي الزهراء- على الأقلّ- لأنّها خروج على الحكومة الإسلامية الشرعية القائمة في شخص عليٍّ هارون النبيّ صلى الله عليه و آله والأوْلى من المسلمين بأنفسهم[1].
ومن مهازل القدر أن يعتذر الفاروق عن موقفه بأ نَّه خاف الفتنة، وهو لا يعلم أنّ انتزاع الأمر ممّن أراده له رسول اللَّه صلى الله عليه و آله باعتراف عمر[2] هو الفتنة بعينها المستوعبة لكلّ ما لهذا المفهوم من ألوان.
وأنا لا أدري ما منع هؤلاء- الخائفين من الفتنة الذين لا مطمع لهم في السلطان إلّابمقدار ما يتّصل بصالح الإسلام- أن يسألوا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن خليفته أو يطلبوا منه أن يعيّن لهم المرجع الأعلى للحكومة الإسلامية من بعده، وقد طال المرض به أيَّاماً متعدّدة، وأعلن فيها مراراً عن قرب أجله، واجتمع به جماعة من أصحابه فسألوه عن كيفية غسله وتفصيلات تجهيزه[3]، ولم يقع في أنفسهم مطلقاً أن يسألوه عن المسألة الأساسية، بل لم يخطر في بال اولئك الذين أصرّوا على
[1] بنصّ حديث الغدير الذي رواه مائة وأحد عشر من الصحابة، وأربعة وثمانون من التابعين بإحسان، وثلاثمائةٍ وثلاثة وخمسون مُؤلّف من إخواننا السُنّة، كما يظهر بمراجعة كتاب الغدير للعلَّامة الأميني، واحب أن الاحظ هنا أنّ كثيراً من القرآن لم يروه من الصحابة عدد يبلغ مبلغ الرواة لحديث الغدير منهم، فالتشكيك فيه ينتهي بالمشكك إلى التشكيك في القرآن الكريم. وامّا دلالة الحديث على خلافة عليّ وإمامته فهي أيضاً ترتفع عن التشكيك لوضوحها وبداهتها، وتعدّد القرائن عليها. ولتراجع في ذلك( مراجعات) سيّدنا سادن المذهب وحامي التشيّع في دنيا الإسلام آية اللَّه السيد عبد الحسين شرف الدين( دام ظلّه العالي)( المؤلّف قدس سره). راجع الصواعق المحرقة: 122
[2] راجع شرح نهج البلاغة 12: 78- 79
[3] راجع الكامل في التأريخ لابن الأثير 2: 320