ثمّ حدّثني عن حياة الصدِّيق رضى الله عنه أيام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فهل تجد فيها إلّا تخاذلًا وضعفاً في الحياة المبدئية والحياة العسكرية، يظهر تارةً في التجائه إلى العريش، واخرى في فراره يوم احد وهزيمته في غزوة حنين[1]، وتلكّئه عن الواجب حينما أمره رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالخروج تحت راية اسامة للغزو[2]، ومرّة اخرى في هزيمته يوم خيبر حينما بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لاحتلال الوكر اليهودي على رأس جيش فرجع فارّاً، ثمّ أرسل الفاروق رضى الله عنه وإذا به من طراز صاحبه[3]، حيث تبخّرت في ذلك الموقف الرهيب حماسة عمر وبطولته الرائعة في أيّام السلم التي اعتزّ بها الإسلام يوم أسلم كما يقولون. ورجع عمر مع أصحابه يجبّنهم ويجبّنونه[4] فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إنّي دافع الراية غداً لرجل يحبّه اللَّه ورسوله ويحبّ اللَّه ورسوله لا يرجع حتَّى يفتح له[5]. ويُشعر كلامه هذا بتعريض بليغ
[1] كما في السيرة الحلبيّة 3: 66- 67، إذ حَصَرَ الثابتين بغيره. وأمَّا فرار الفاروق في ذلك اليوم. فقد جاء ما يدلّ عليه في صحيح البخاري 3: 67. إذ روى بإسناده عمّن شهد يوم حُنين أ نّه قال: وانهزم المسلمون، وانهزمتُ معهم، فإذا بعمر بن الخطَّاب في الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟ قال: أمر اللَّه. فإنّ هذا يوضّح أنّ عمر كان من بين المنهزمين.( المؤلّف قدس سره)
[2] فقد جاء في عدّة من المصادر أنّ عمر وأبا بكر كانا فيمن جنّده النبيّ صلى الله عليه و آله للحرب تحت راية اسامة، منها في السيرة الحلبية 3: 228- 229.( المؤلّف قدس سره)
[3] راجع مسند أحمد 5: 253 ومستدرك الحاكم 3: 27 وكنز العمال 6: 394 وتاريخ الطبري 2: 136
[4] هذا تصوير علوي رائع للقائد الفاشل والجنود المتخاذلين وقد اطّلع كل منهما على ضعف الآخر فأخذ يهوّل الموقف ليجد له من ذلك عذراً في الفرار.( المؤلّف قدس سره). راجع تأريخ الطبري 2: 136
[5] صحيح البخاري 5: 22، ومسند أحمد 5: 353