يدغدغ به مشاعر القائدين الفاشلين واعتزاز صريح بعليّه العظيم الذي يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله[1].
يا خليفتي المسلمين- أو بعض المسلمين- رضي اللَّه تعالى عنكما أهكذا كان نبيّكما الذي قمتما مقامه؟! ألم تتلقّيا عنه دروسه الفذّة في الجهاد والمعاناة في سبيل اللَّه؟! ألم يكن في صحبتكما له طوال عقدين حاجز يحجز عن ذلك؟! ألم تستمعا إلى القرآن الذي اسندت إليكما حراسته والتوفّر على نشر مُثُله العليا في المعمورة وهو يقول:
«وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ»[2].
وقد توافقني على أنّ مقام الصدِّيق والفاروق- رضي اللَّه عنهما- في الإسلام يرتفع بهما عن الفرار المحرّم، فلابدّ أ نّهما تأوّلا ووجدا عذراً في فرارهما ونحن نعلم أنّ مجال الاجتهاد والتأويل عند الخليفة كان واسعاً حتَّى أ نّه اعتذر عن خالد لمّا قتل مسلماً متعمّداً بأ نَّه «اجتهد فأخطأ»[3].
عذرتكما إنّ الحمامَ لمبغضٌ | وإنّ بقاء النفسِ للنفس محبوبُ | |
ليكره طعم الموت والموت طالب | فكيف يلذّ الموت والموت مطلوبُ؟ | |
[1] و أكبر الظنّ ان الجيش الذي سار الإمام على رأسه لاحتلال المستعمرة اليهودية هو الجيش الذي فرّ بالأمس، و نفهم من هذا مدى تأثير القائد على جيشه و تكهرب الجيش بمشاعره فإنّ عليّاً استطاع أن يجعل من اولئك الجنود الذين كانوا يجبّنون الفاروق في الحملة السابقة أبطالًا فاتحين بما سكب في أرواحهم من روحه العظيمة المتدفّقة بالحماس و الإخلاص.( المؤلّف قدس سره).
[2] الأنفاق: 16.
[3] تأريخ ابن شحنة: على هامش الكامل 11: 114.