النظام الاجتماعي، ولابدّ من وعيٍ سياسيٍّ صحيحٍ ينبثق عن مفاهيم حقيقيةٍ للحياة، ويتبنّى القضية الإنسانية الكبرى، ويسعى الى تحقيقها على قاعدة تلك المفاهيم، ويدرس مسائل العالم من هذه الزاوية. وعند اكتمال هذا الوعي السياسي في العالم، واكتساحه لكلِّ وعيٍ سياسيٍّ آخر، وغزوه لكلِّ مفهومٍ للحياة لا يندمج بقاعدته الرئيسية يمكن أن يدخل العالم في حياةٍ جديدة مشرقةٍ بالنور؛ عامرةٍ بالسعادة.
إنّ هذا الوعي السياسي العميق هو رسالة السلام الحقيقي في العالم، وإنّ هذه الرسالة المنقذة لَهي رسالة الإسلام الخالدة التي استمدّت نظامها الاجتماعي- المختلف عن كلّ ما عرضناه من أنظمةٍ- من قاعدةٍ فكريةٍ جديدةٍ للحياة والكون.
وقد أوجد الإسلام بتلك القاعدة الفكرية النظرةَ الصحيحة للإنسان الى حياته، فجعله يؤمن بأنّ حياته منبثقة عن مبدأمطلق الكمال، وأ نّها إعداد للإنسان الى عالمٍ لا عناء فيه ولا شقاء، ونصب له مقياساً خلقياً جديداً في كلّ خطواته وأدواره، وهو: رضا اللَّه تعالى.
فليس كلّ ما تفرضه المصلحة الشخصية فهو جائز، وكلّ ما يؤدّي الى خسارةٍ شخصيةٍ فهو محرَّم غير مستساغ، بل الهدف الذي رسمه الإسلام للإنسان في حياته هو الرضا الإلهي، والمقياس الخلقي الذي توزن به جميع الأعمال إنّما هو مقدار ما يحصل بها من هذا الهدف المقدّس، والإنسان المستقيم هو الإنسان الذي يحقّق هذا الهدف، والشخصية الإسلامية الكاملة هي الشخصية التي سارت في شتّى أشواطها على هدى هذا الهدف، وضوء هذا المقياس، وضمن إطاره العام.
وليس هذا التحويل في مفاهيم الإنسان الخلقية وموازينه وأغراضه يعني