الجماعية والنوازع الجماعية، فلا يفكّر إلّافي المصلحة الاجتماعية، ولا يندفع إلّا في سبيلها.
ولأجل ذلك كان من الضروري- في عرف هذا المذهب الاجتماعي- إقامة نظامٍ اشتراكيٍّ قبل ذلك؛ ليتخلّص فيه الانسان من طبيعته الحاضرة، ويكتسب الطبيعة المستعدّة للنظام الشيوعي. وهذا النظام الاشتراكي اجريت فيه تعديلات مهمّة على الجانب الاقتصادي من الشيوعية.
فالخطّ الأول من خطوط الاقتصاد الشيوعي- وهو إلغاء الملكية الفردية- قد بُدِّل الى حلٍّ وسط، وهو: تأميم الصناعات الثقيلة والتجارة الخارجية والتجارات الداخلية، ووضعها جميعاً تحت الانحصار الحكومي. وبكلمةٍ اخرى:
إلغاء رأس المال الكبير مع إطلاق الصناعات والتجارات البسيطة وتركها للأفراد؛ وذلك لأنّ الخطّ العريض في الاقتصاد الشيوعي اصطدم بواقع الطبيعة الإنسانية الذي أشرنا اليه، حيث أخذ الأفراد يتقاعسون عن القيام بوظائفهم والنشاط في عملهم، ويتهرّبون من واجباتهم الاجتماعية؛ لأنّ المفروض فيه تأمين النظام لمعيشتهم وسدّ حاجاتهم، كما أنّ المفروض فيه عدم تحقيق العمل والجهد مهما كان شديداً لأكثر من ذلك، فعلام إذن يجهد الفرد ويكدح ويجدّ ما دامت النتيجة في حسابه هي النتيجة في حالَي الخمول والنشاط؟! ولماذا يندفع إلى توفير السعادة لغيره، وشراء راحة الآخرين بعرقه ودموعه وعصارة حياته وطاقاته ما دام لا يؤمن بقيمةٍ من قيم الحياة الّا القيمة المادية الخالصة؟! فاضطرّ زعماء هذا المذهب الى تجميد التأميم المطلق.
كما اضطرّوا أيضاً الى تعديل الخطّ الثاني من خطوط الاقتصاد الشيوعي أيضاً، وذلك بجعل فوارق بين الاجور، لدفع العمّال إلى النشاط والتكامل في العمل؛ معتذرين بأ نّها فوارق مؤقّتة سوف تزول حينما يقضى على العقلية